معيار أغوار الأفهام في الكشف عن مناسبات الأحكام،

عبد الله بن محمد النجري (المتوفى: 877 هـ)

[القسم الأول: حقوق الله تعالى]

صفحة 58 - الجزء 1

  وقال بعض أصحابنا: إنما سقطت هذه بالإسلام بعد الردَّة، ولذلك يسقط بالإسلام جميع حقوق الله المحضة - ولو عقوبة لصاحب الكفر كالحدِّ - لا المشوبة كحدِّ القذف وكفارة الظهار، وهذا القول هو الموافق للقول بأنهم مخاطبون بالشرعيات.

  وأيضاً هو المناسب للقواعد؛ لأن الكفر لا يصلح للتخفيف والترفيه بل المناسب له التشديد والتغليظ، والإسلام بالعكس، ولذلك كان جابّاً لما قبلَه كما يسقط الأقل بسقوط الأكثر كما أشار إليه الشارع بقوله: {إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ}⁣[الأنفال: ٣٨].

فصل: في ثبوتها في حق الصبي

  يثبت في حقِّهِ من حقوق الله نوعان:

  أحدهما: ما يثبت على وجه التبعية، وهي أحكام الإسلام والكفر كما مر.

  وثانيهما: ما يقبل النيابة من حقوق الله الماليَّة دَيانةً كانت كالخمس والخراج أو عبادةً مشوبةً بصلةٍ كالزكاة أو بمؤنةٍ كالعُشر على ما سيأتي إن شاء الله تعالى. لا ما لا يقبل النيابةَ كالعبادات البدنيَّة كالصلاة والعقوبات كالحدِّ، والعبادات الماليَّة المشوبة بعقوبةٍ كالكفارات، وسنُفَصِّلُ كُلّاً من هذه في موضعه إن شاء الله تعالى.

  فرع: فوضوء الصبيِّ وصلاتُهُ عندنا غيرُ صحيحين، وإنما يؤمر بصورتهما تأديباً كسائر الآداب فلا يسد الجناح⁣(⁣١)، ولا يثبت له حقٌّ في موقفه في الصلاة.

  وقال بعض أصحابنا⁣(⁣٢): بل يثبت له لأنه فيه بإذن الشرع وإن لم يسد الجناح لأنه غير مصلٍّ.

  وقال بعض أصحابنا: إن طهارته وصلاته صحيحتان، لاستكمال الشرائط ولا يستحق عليهما ثواباً لعدم التكليف.


(١) «لأنه غير مصلٍّ حقيقة». حاشية في (أ).

(٢) أبو العباس. هامش (أ).