[القسم الأول: حقوق الله تعالى]
  الله تلك المفاسد بجَعْلِها إلى مَنْ إليه المصالح العامة وهو الإمام صيانةً للفقراء عن تحمُّل الذِّلة، والدخولِ تحت الْمِنَّة، وإعانة لأربابها على الإخلاص في النية.
  فرع: فإذا سَلَّمَها أربابُها عن اختيار وَجَبَتْ عليهم النيَّة بطرفيها السابقين. وإن أخذها الإمام كرهاً وجبت عليه النية؛ إذ هو خليفة كوليِّ الصغير، وإن اختلفا في محلها فنية الإمام عند الأخذ، ونيَّة الوليِّ عند الصرف؛ لأن ذلك محلُّ نيَّة الأصل.
  فرع: وقد علم أن الزكاة مثلاً لم تخرج بقبض الإمام عن صفتها؛ فليس له وَضْعُها في قرابة الأصل، ولا فيمن تحرم عليه كالهاشمي، وأنه يعمل بمذهبه وأنها في يده أمانة، وأنه قد برئ الأصلُ بقبضها، وأن التخلية غير كافية؛ إذ لا يجب عليه القبض.
  فرع: ولتعلُّقِ حقوق الله الماليَّة بالمال من أول الأمر؛ لم تسقط بالموت خلافاً للحنفية، ووجب إخراجُها وإن لم يُوصِ بها، وكانت من رأس المال، وقُدِّمت على وصايا الميت.
[أنواع الحقوق المالية]
  مسألة: والحقوق المالية ضربان: دين وعين.
  فالأول: كالكفارات والنذور الغيرِ المعيَّنة والجزاءات والفداء(١) والفطرة، وما أتلفه من المظالم الملتبسة ومن الزكوات ونحوها، فهذه متعلقة بالمال تَعَلُّقَ الدَّين، وقد تقدم حكم التعارض بينها وبين ديون العباد.
  والثاني: كالزكوات والأعشار والمظالم الملتبسة والنذور المعيَّنة إذا كانت هذه باقيةً بأعيانها، فهذه بعد التَّمَكُّنِ من إخراجها أو بعد مطالبة الإمام مضمونةٌ على العبد ضمانَ الغصب، على القول بأن الواجبات على الفور، وقَبْل ذلك هي كالوديعة في الضمان، وأن حكمَ فوائدِها حكمُها، ومثلُ المبيع قبل التسليم في المؤنة.
(١) قال في الصحاح: يمد ويقصر.