سورة النحل
  {وَما ذَرَأَ لَكُمْ} معطوف على الليل والنهار. يعنى: ما خلق فيها من حيوان وشجر وثمر وغير ذلك مختلف الهيئات والمناظر.
  {وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْماً طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَها وَتَرَى الْفُلْكَ مَواخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ١٤}
  {لَحْماً طَرِيًّا} هو السمك، ووصفه بالطراءة، لأنّ الفساد يسرع إليه، فيسارع إلى أكله خيفة للفساد عليه. فإن قلت: ما بال الفقهاء قالوا: إذا حلف الرجل لا يأكل لحماً، فأكل سمكا، لم يحنث. والله تعالى سماء لحماً كما ترى؟ قلت: مبنى الإيمان على العادة، وعادة الناس إذا ذكر اللحم على الإطلاق أن لا يفهم منه السمك، وإذا قال الرجل لغلامه: اشتر بهذه الدراهم لحماً فجاء بالسمك، كان حقيقاً بالإنكار. ومثاله أن الله تعالى سمى الكافر دابة في قوله: إنّ شرّ الدواب عند الله الذين كفروا، فلو حلف حالف لا يركب دابة فركب كافراً لم يحنث. {حِلْيَةً} هي اللؤلؤ والمرجان. والمراد بلبسهم: لبس نسائهم، لأنهنّ من جملتهم، ولأنهنّ إنما يتزينّ بها من أجلهم، فكأنها زينتهم ولباسهم. المخر: شق الماء بحيزومها. وعن الفراء: هو صوت جرى الفلك بالرياح. وابتغاء الفضل: التجارة.
  {وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهاراً وَسُبُلاً لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ١٥ وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ ١٦}
  {أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ} كراهة أن تميل بكم وتضطرب. والمائد: الذي يدار به إذا ركب البحر. قيل: خلق الله الأرض فجعلت تمور، فقالت الملائكة: ما هي بمقرّ أَحد على ظهرها، فأصبحت وقد أرسيت بالجبال، لم تدر الملائكة ممّ خلقت {وَأَنْهاراً} وجعل فيها أنهاراً، لأن {أَلْقى} فيه معنى: جعل. ألا ترى إلى قوله {أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهاداً وَالْجِبالَ أَوْتاداً}. {وَعَلاماتٍ}