الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

سورة الإسراء

صفحة 650 - الجزء 2

  والنفير، من ينفر مع الرجل من قومه، وقيل: جمع نفر كالعبيد والمعيز.

  {إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَما دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا ما عَلَوْا تَتْبِيراً ٧}

  أى الإحسان والإساءة: كلاهما مختص بأنفسكم، لا يتعدى النفع والضرر إلى غيركم. وعن علىّ رضى الله عنه: ما أحسنت إلى أحد ولا أسأت إليه، وتلاها {فَإِذا جاءَ وَعْدُ} المرّة {الْآخِرَةِ} بعثناهم {لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ} حذف لدلالة ذكره أوّلا عليه. ومعنى {لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ} ليجعلوها بادية آثار المساءة والكآبة فيها، كقوله {سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا} وقرئ: ليسوء والضمير لله تعالى، أو للوعد، أو للبعث. ولنسوء: بالنون. وفي قراءة علىّ: لنسوأنّ: وليسوأنّ وقرئ لنسوأن، بالنون الخفيفة. واللام في {لِيَدْخُلُوا} على هذا متعلق بمحذوف وهو: وبعثناهم ليدخلوا. ولنسوأن: جواب إذا جاء {ما عَلَوْا} مفعول ليتبروا، أى ليهلكوا كل شيء غلبوه واستولوا عليه. أو بمعنى: مدة علوّهم.

  {عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنا وَجَعَلْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ حَصِيراً ٨}

  {عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ} بعد المرّة الثانية إن تبتم توبة أخرى وانزجرتم عن المعاصي {وَإِنْ عُدْتُمْ} مرة ثالثة {عُدْنا} إلى عقوبتكم وقد عادوا، فأعاد الله إليهم النقمة بتسليط الأكاسرة وضرب الأتاوة عليهم. وعن الحسن: عادوا فبعث الله محمدا، فهم يعطون الجزية عن يد وهم صاغرون. وعن قتادة: ثم كان آخر ذلك أن بعث الله عليهم هذا الحىّ من العرب، فهم منهم في عذاب إلى يوم القيامة {حَصِيراً} محبسا يقال للسجن محصر وحصير. وعن الحسن: بساطا كما يبسط الحصير المرمول

  {إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ