سورة الكهف
  إلى ظعن يقرضن أقواز مشرف ... شمالا وعن أيمانهنّ الفوارس
  {وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ} وهم في متسع من الكهف. والمعنى أنهم في ظل نهارهم كله لا تصيبهم الشمس في طلوعها ولا غروبها، مع أنهم في مكان واسع منفتح معرّض لإصابة الشمس لو لا أنّ الله يحجبها عنهم. وقيل: في متفسح من غارهم ينالهم فيه روح الهواء وبرد النسيم ولا يحسبون كرب الغار {ذلِكَ مِنْ آياتِ اللهِ} أى ما صنعه الله بهم - من ازورار الشمس وقرضها طالعة وغاربة - آية من آياته، يعنى: أنّ ما كان في ذلك السمت تصيبه الشمس ولا تصيبهم، اختصاصا لهم بالكرامة. وقيل: باب الكهف شمالي مستقبل لبنات نعش، فهم في مقنأة أبدا. ومعنى {ذلِكَ مِنْ آياتِ اللهِ} أنّ شأنهم وحديثهم من آيات الله {مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ} ثناء عليهم بأنهم جاهدوا في الله وأسلموا له وجوههم، فلطف بهم وأعانهم، وأرشدهم إلى نيل تلك الكرامة السنية والاختصاص بالآية العظيمة، وأن كل من سلك طريقة المهتدين الراشدين فهو الذي أصاب الفلاح، واهتدى إلى السعادة، ومن تعرّض للخذلان، فلن يجد من يليه ويرشده بعد خذلان الله.
  {وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقاظاً وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذاتَ الْيَمِينِ وَذاتَ الشِّمالِ وَكَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِراراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً ١٨}
  {وَتَحْسَبُهُمْ} بكسر السين وفتحها: خطاب لكل أحد. والأيقاظ: جمع يقظ، كأنكاد في نكد. قيل: عيونهم مفتحة وهم نيام، فيحسبهم الناظر لذلك أيقاظا. وقيل: لكثرة تقلبهم