سورة طه
  الأصوات من شدة الفزع وخفتت {فَلا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً} وهو الركز الخفي. ومنه الحروف المهموسة. وقيل: هو من همس الإبل وهو صوت أخفافها إذا مشت، أى: لا تسمع إلا خفق الأقدام ونقلها إلى المحشر {مَنْ} يصلح أن يكون مرفوعا ومنصوبا، فالرفع على البدل من الشفاعة بتقدير حذف المضاف، أى: لا تنفع الشفاعة إلا شفاعة من {أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ} والنصب على المفعولية. ومعنى أذن له {وَرَضِيَ لَهُ} لأجله. أى: أذن للشافع ورضى قوله لأجله. ونحو هذه اللام اللام في قوله تعالى {وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كانَ خَيْراً ما سَبَقُونا إِلَيْهِ}.
  {يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً ١١٠}
  أى يعلم ما تقدّمهم من الأحوال وما يستقبلونه، ولا يحيطون بمعلوماته علما.
  {وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً ١١١}
  المراد بالوجوه وجوه العصاة، وأنهم إذا عاينوا - يوم القيامة - الخيبة والشقوة وسوء الحساب، صارت وجوههم عانية، أى ذليلة خاشعة، مثل وجوه العناة وهم الأسارى. ونحوه قوله تعالى {فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا}، {وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ}. وقوله تعالى {وَقَدْ خابَ} وما بعده اعتراض، كقولك: خابوا وخسروا. وكلّ من ظلم فهو خائب خاسر.
  {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا يَخافُ ظُلْماً وَلا هَضْماً ١١٢}
  الظلم: أن يأخذ من صاحبه فوق حقه. والهضم: أن يكسر من حق أخيه فلا يوفيه له، كصفة المطففين الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون ويسترجحون، وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون. أى: فلا يخاف جزاء ظلم ولا هضم، لأنه لم يظلم ولم يهضم. وقرئ: فلا يخف، على النهى.
  {وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً ١١٣}
  {وَكَذلِكَ} عطف على {كَذلِكَ نَقُصُ} أى: ومثل ذلك الإنزال، وكما أنزلنا عليك هؤلاء الآيات المضمنة للوعيد أنزلنا القرآن كله على هذه الوتيرة، مكرّرين فيه آيات الوعيد،