سورة الشعراء
  فيكون المعنى: لتكون من الذين أنذروا بهذا اللسان وهم خمسة: هود، وصالح، وشعيب، وإسماعيل ومحمد عليهم الصلاة والسلام. وإما أن يتعلق بنزل، فيكون المعنى: نزله باللسان العربي لتنذر به، لأنه لو نزله باللسان الأعجمى، لتجافوا عنه أصلا، ولقالوا: ما نصنع بما لا نفهمه فيتعذر الإنذار به وفي هذا الوجه: أن تنزيله بالعربية التي هي لسانك ولسان قومك تنزيل له على قلبك، لأنك تفهمه ويفهمه قومك. ولو كان أعجميا لكان نازلا على سمعك دون قلبك، لأنك تسمع أجراس حروف لا تفهم معانيها ولا تعيها، وقد يكون الرجل عارفا بعدّة لغات، فإذا كلم بلغته التي لقنها أو لا ونشأ عليها وتطبع بها، لم يكن قلبه إلا إلى معاني الكلام يتلقاها بقلبه ولا يكاد يفطن للألفاظ كيف جرت، وإن كلم بغير تلك اللغة وإن كان ماهرا بمعرفتها كان نظره أولا في ألفاظها ثم في معانيها، فهذا تقرير أنه نزل على قلبه لنزوله بلسان عربى مبين {وَإِنَّهُ} وإن القرآن - يعنى ذكره مثبت في سائر الكتب السماوية. وقيل: إن معانيه فيها. وبه يحتج لأبى حنيفة في جواز القراءة بالفارسية في الصلاة على أن القرآن قرآن إذا ترجم بغير العربية حيث قيل {وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ} لكون معانيه فيها. وقيل: الضمير لرسول الله ÷ وكذلك في {أَنْ يَعْلَمَهُ} وليس بواضح.
  {أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَماءُ بَنِي إِسْرائِيلَ ١٩٧}
  وقرئ: يكن، بالتذكير. وآية، بالنصب على أنها خبره، و {أَنْ يَعْلَمَهُ} هو الاسم. وقرئ. تكن، بالتأنيث، وجعلت {آيَةً} اسماء، و {أَنْ يَعْلَمَهُ} خبرا، وليست كالأولى لوقوع النكرة اسما والمعرفة خبرا، وقد خرّج لها وجه آخر ليتخلص من ذلك، فقيل: في {يَكُنْ} ضمير القصة، و {آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ} جملة واقعة موقع الخبر. ويجوز على هذا أن يكون {لَهُمْ آيَةً} هي جملة الشأن، {أَنْ يَعْلَمَهُ} بدلا عن آية. ويجوز مع نصب الآية تأنيث {يَكُنْ} كقوله تعالى {ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا} ومنه بيت لبيد: