سورة النمل
  وكلمة عوراء، لأن الكلمة الحسنة ترشد، والسيئة تغوى. ونحوه قوله تعالى {لَقَدْ عَلِمْتَ ما أَنْزَلَ هؤُلاءِ إِلَّا رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ بَصائِرَ} فوصفها بالبصارة، كما وصفها بالإبصار. وقرأ علىّ بن الحسين ® وقتادة: مبصرة، وهي نحو: مجبنة ومبخلة ومجفرة، أى: مكانا يكثر فيه التبصر.
  {وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ ١٤}
  الواو في {وَاسْتَيْقَنَتْها} واو الحال، وقد بعدها مضمرة، والعلو: الكبر والترفع عن الإيمان بما جاء به موسى، كقوله تعالى {فَاسْتَكْبَرُوا وَكانُوا قَوْماً عالِينَ فَقالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنا وَقَوْمُهُما لَنا عابِدُونَ} وقرئ: عليا، وعليا بالضم والكسر، كما قرئ عتيا، وعتيا. وفائدة ذكر الأنفس: أنهم جحدوها بألسنتهم، واستيقنوها في قلوبهم وضمائرهم. والاستيقان أبلغ من الإيقان، وقد قوبل بين المبصرة والمبين، وأى ظلم أفحش من ظلم من اعتقد واستيقن أنها آيات بينة واضحة جاءت من عند الله، ثم كابر بتسميتها سحرا بينا مكشوفا لا شبهة فيه.
  {وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ وَسُلَيْمانَ عِلْماً وَقالا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنا عَلى كَثِيرٍ مِنْ عِبادِهِ الْمُؤْمِنِينَ ١٥}
  {عِلْماً} طائفة من العلم أو علما سنيا غزيرا. فإن قلت: أليس هذا موضع الفاء دون الواو، كقولك: أعطيته فشكر، ومنعته فصبر؟ قلت: بلى، ولكن عطفه بالواو إشعار بأن ما قالاه بعض ما أحدث فيهما إيتاء العلم وشيء من مواجبه، فأضمر ذلك ثم عطف عليه التحميد، كأنه قال: ولقد آتيناهما علما فعملا به وعلماه وعرفا حق النعمة فيه والفضيلة {وَقالا الْحَمْدُ لِلَّهِ