الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

سورة الروم

صفحة 470 - الجزء 3

  {ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا السُّواى أَنْ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ وَكانُوا بِها يَسْتَهْزِؤُنَ ١٠}

  قرئ عاقبة بالنصب والرفع. و {السُّواى} تأنيث الأسوأ وهو الأقبح، كما أنّ الحسنى تأنيث الأحسن. والمعنى: أنهم عوقبوا في الدنيا بالدمار، ثم كانت عاقبتهم سوأى؛ إلا أنه وضع المظهر موضع المضمر، أى: العقوبة التي هي أسوأ العقوبات في الآخرة، وهي جهنم التي أعدّت للكافرين. و {أَنْ كَذَّبُوا} بمعنى لأن كذبوا. ويجوز أن يكون أن بمعنى: أى، لأنه إذا كان تفسير الإساءة التكذيب والاستهزاء كانت في معنى القول، نحو: نادى. وكتب، وما أشبه ذلك. ووجه آخر: وهو أن يكون {أَساؤُا السُّواى} بمعنى اقترفوا الخطيئة التي هي أسوأ الخطايا، و {أَنْ كَذَّبُوا} عطف بيان لها، وخبر كان محذوف كما يحذف جواب لما ولو، إرادة الإبهام.

  {اللهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ١١}

  {ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} أى إلى ثوابه وعقابه. وقرئ بالتاء والياء.

  {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ ١٢ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ شُرَكائِهِمْ شُفَعاءُ وَكانُوا بِشُرَكائِهِمْ كافِرِينَ ١٣}

  الإبلاس: أى يبقى بائسا ساكنا متحيرا. يقال: ناظرته فأبلس، إذا لم ينبس ويئس من أن يحتجّ. ومنه الناقة المبلاس: التي لا ترغو. وقرئ: يبلس، بفتح اللام، من أبلسه إذا أسكته {مِنْ شُرَكائِهِمْ} من الذين عبدوهم من دون الله {وَكانُوا بِشُرَكائِهِمْ كافِرِينَ} أى يكفرون بإلهيتهم ويجحدونها. أو وكانوا في الدنيا كافرين بسببهم. وكتب «شفعواء» في المصحف بواو قبل الألف، كما كتب «علمؤا بنى إسرائيل» وكذلك كتبت «السوأى» بألف قبل الياء إثباتا للهمزة على صورة الحرف الذي منه حركتها.

  {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ ١٤ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ ١٥ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا وَلِقاءِ الْآخِرَةِ فَأُولئِكَ فِي الْعَذابِ مُحْضَرُونَ ١٦}