الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

سورة ص

صفحة 78 - الجزء 4

  النبوّة والملك يصوم يوما ويفطر يوما وهو أشدّ الصوم، ويقوم نصف الليل. يقال: فلان أيد، وذو أيد، وذو آد. وأياد كل شيء: ما يتقوّى به {أَوَّابٌ} توّاب رجاع إلى مرضاة الله فإن قلت: ما ذلك على أنّ الأيد القوّة في الدين؟ قلت: قوله تعالى {إِنَّهُ أَوَّابٌ} لأنه تعليل لذي الأيد {وَالْإِشْراقِ} وقت الإشراق، وهو حين تشرق الشمس، أى: تضيء ويصفو شعاعها وهو وقت الضحى. وأما شروقها فطلوعها، يقال: شرقت الشمس، ولما تشرق. وعن أمّ هانئ: دخل علينا رسول الله ÷ فدعا بوضوء فتوضأ ثم صلى صلاة الضحى وقال: يا أمّ هانئ هذه صلاة الإشراق. وعن طاوس عن ابن عباس قال: هل تجدون ذكر صلاة الضحى في القرآن؟ قالوا لا، فقرأ: إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي والإشراق وقال: كانت صلاة يصليها داود #. وعنه: ما عرفت صلاة الضحى إلا بهذه الآية. وعنه: لم يزل في نفسي من صلاة الضحى شيء حتى طلبتها فوجدتها بهذه الآية {يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْراقِ} وكان لا يصلى صلاة الضحى، ثم صلاها بعد. وعن كعب أنه قال لابن عباس: إنى لا أجد في كتب الله صلاة بعد طلوع الشمس، فقال: أنا أوجدك ذلك في كتاب الله تعالى، يعنى هذه الآية. ويحتمل أن يكون من أشرق القوم إذا دخلوا في الشروق، ومنه قوله تعالى {فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ} وقول أهل الجاهلية: أشرق ثبير، ويراد وقت صلاة الفجر لانتهائه بالشروق. ويسبحن: في معنى ومسبحات على الحال. فإن قلت: هل من فرق بين يسبحن ومسبحات؟ قلت: نعم، وما اختير يسبحن على مسبحات إلا لذلك، وهو الدلالة