الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

سورة الشورى

صفحة 226 - الجزء 4

  عن بعض. فأمّا من لا جرم له كالأنبياء والأطفال والمجانين، فهؤلاء إذا أصابهم شيء من ألم أو غيره فللعوض الموفى والمصلحة. وعن النبي ÷: «ما من اختلاج عرق ولا خدش عود ولا نكبة حجر إلا بذنب، ولما يعفو الله عنه أكثر» وعن بعضهم: من لم يعلم أن ما وصل إليه من الفتن والمصائب باكتسابه، وأنّ ما عفا عنه مولاه أكثر: كان قليل النظر في إحسان ربه إليه. وعن آخر: العبد ملازم للجنايات في كل أوان، وجناياته في طاعاته أكثر من جناياته في معاصيه، لأنّ جناية المعصية من وجه وجناية الطاعة من وجوه، والله يطهر عبده من جناياته بأنواع من المصائب ليخفف عنه أثقاله في القيامة، ولو لا عفوه ورحمته لهلك في أوّل خطوة: وعن على ¥ وقد رفعه: من «عفى عنه في الدنيا عفى عنه في الآخرة ومن عوقب في الدنيا لم تثن عليه العقوبة في الآخرة» وعنه رضى الله عنه: هذه أرجى آية للمؤمنين في القرآن {بِمُعْجِزِينَ} بفائتين ما قضى عليكم من المصائب {مِنْ وَلِيٍ} من متول بالرحمة.

  {وَمِنْ آياتِهِ الْجَوارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ ٣٢ إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَواكِدَ عَلى ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ ٣٣ أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِما كَسَبُوا وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ ٣٤}

  {الْجَوارِ}: السفن. وقرئ: الجوار {كَالْأَعْلامِ} كالجبال. قالت الخنساء:

  كأنّه علم في رأسه نار