سورة الدخان
  {هؤُلاءِ} إشارة إلى كفار قريش فإن قلت: كان الكلام واقعا في الحياة الثانية لا في الموت، فهلا قيل: إن هي إلا حياتنا الأولى وما نحن بمنشرين؟ كما قيل: إن هي إلا حياتنا الدنيا وما نحن بمبعوثين؟ وما معنى قوله {إِنْ هِيَ إِلَّا مَوْتَتُنَا الْأُولى}؟ وما معنى ذكر الأولى؟ كأنهم وعدوا موتة أخرى حتى نفوها وجحدوها وأثبتوا الأولى؟ قلت: معناه - والله الموفق للصواب -: أنه قيل لهم: إنكم تموتون موتة تتعقبها حياة، كما تقدّمتكم موتة قد تعقبتها حياة، وذلك قوله ø {وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ} فقالوا {إِنْ هِيَ إِلَّا مَوْتَتُنَا الْأُولى} يريدون: ما الموتة التي من شأنها أن يتعقبها حياة إلا الموتة الأولى دون الموتة الثانية، وما هذه الصفة التي تصفون بها الموتة من تعقب الحياة لها إلا للموتة الأولى خاصة، فلا فرق إذا بين هذا وبين قوله {إِنْ هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا} في المعنى. يقال: أنشر الله الموتى ونشرهم: إذا بعثهم {فَأْتُوا بِآبائِنا} خطاب للذين كانوا يعدونهم النشور: من رسول الله ÷ والمؤمنين، أى: إن صدقتم فيما تقولون فعجلوا لنا إحياء من مات من آبائنا بسؤالكم ربكم ذلك حتى يكون دليلا على أنّ ما تعدونه من قيام الساعة وبعث الموتى حق، وقيل كانوا يطلبون اليهم أن يدعوا الله وينشر لهم قصىّ بن كلاب ليشاوروه، فإنه كان كبيرهم ومشاورهم في النوازل ومعاظم الشئون.
  {أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أَهْلَكْناهُمْ إِنَّهُمْ كانُوا مُجْرِمِينَ ٣٧}
  هو تبع الحميري: كان مؤمنا وقومه كافرين، ولذلك ذمّ الله قومه ولم يذمّه، وهو الذي سار بالجيوش وحير الحيرة وبنى سمرقند. وقيل: هدمها وكان إذا كتب قال: بسم الله الذي ملك برّا وبحرا. وعنى النبي ÷ «لا تسبوا تبعا فإنه كان قد أسلم» وعنه عليه الصلاة