سورة الدخان
  مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ ٤٨ ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ ٤٩ إِنَّ هَذَا مَا كُنتُم بِهِ تَمْتَرُونَ ٥٠}
  قرئ: إنّ شجرت الزقوم، بكسر الشين، وفيها ثلاث لغات: شجرة، بفتح الشين وكسرها وشيرة، بالياء. وروى أنه لما نزل {أَذلِكَ خَيْرٌ نُزُلاً أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ} قال ابن الزبعرى: إنّ أهل اليمن يدعون أكل الزبد والتمر: التزقم، فدعا أبو جهل بتمر وزبد فقال: تزقموا فإنّ هذا هو الذي يخوّفكم به محمد، فنزل {إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعامُ الْأَثِيمِ} وهو الفاجر الكثير الآثام. وعن أبى الدرداء أنه كان يقرئ رجلا فكان يقول طعام اليثيم، فقال: قل طعام الفاجر يا هذا. وبهذا يستدل على أنّ إبدال كلمة مكان كلمة جائز إذا كانت مؤدية معناها. ومنه أجاز أبو حنيفة القراءة بالفارسية على شريطة، وهي: أن يؤدى القارئ المعاني على كمالها من غير أن يخرم منها شيئا. قالوا: وهذه الشربطة تشهد أنها إجازة كلا إجازة، لأنّ في كلام العرب خصوصا في القرآن الذي هو معجز بفصاحته وغرابة نظمه وأساليبه من لطائف المعاني والأغراض ما لا يستقل بإذائه لسان من فارسية وغيرها، وما كان أبو حنيفة | يحسن الفارسية، فلم يكن ذلك منه عن تحقق وتبصر وروى على بن الجعد عن أبى يوسف عن أبى حنيفة مثل قول صاحبيه في إنكار القراءة بالفارسية {كَالْمُهْلِ} قرئ بضم الميم وفتحها، وهو دردى الزيت. ويدل عليه قوله تعالى {يَوْمَ تَكُونُ السَّماءُ كَالْمُهْلِ} مع قوله {فَكانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهانِ} وقيل: هو ذائب الفضة والنحاس، والكاف رفع خبر بعد خبر، وكذلك {يَغْلِي} وقرئ بالتاء للشجرة، وبالياء للطعام. و {الْحَمِيمِ} الماء الحار الذي انتهى غليانه: يقال للزبانية {خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ} فقودوه بعنف وغلظة، وهو أن يؤخذ بتلبيب الرجل فيجر إلى حبس أو قتل. ومنه: العتلّ وهو الغليظ الجافي. وقرئ بكسر التاء وضمها {إِلى سَواءِ الْجَحِيمِ} إلى وسطها ومعظمها. فإن قلت: هلا قيل: صبوا فوق رأسه من الحميم، كقوله تعالى {يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُسِهِمُ الْحَمِيمُ} لأنّ الحميم هو المصبوب لا عذابه؟ قلت: إذا صب عليه الحميم فقد صب عليه عذابه وشدّته، إلا أن صب العذاب طريقة الاستعارة، كقوله: