سورة محمد ÷
  يريد: فالعثور والانحطاط أقرب لها من الانتعاش والثبوت. وعن ابن عباس ®: يريد في الدنيا القتل، وفي الآخرة التردي في النار {كَرِهُوا} القرآن وما أنزل الله فيه من التكاليف والأحكام، لأنهم قد ألفوا الإهمال وإطلاق العنان في الشهوات والملاذ فشق عليهم ذلك وتعاظمهم.
  {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكافِرِينَ أَمْثالُها ١٠}
  دمره: أهلكه، ودمر عليه: أهلك عليه ما يختص به. والمعنى: دمر الله عليهم ما اختص بهم من أنفسهم وأموالهم وأولادهم وكل ما كان لهم {وَلِلْكافِرِينَ أَمْثالُها} الضمير للعاقبة المذكورة أو للهلكة، لأن التدمير يدل عليها. أو للسنة، لقوله عزّ وعلا {سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا}.
  {ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكافِرِينَ لا مَوْلى لَهُمْ ١١}
  {مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا} وليهم وناصرهم. وفي قراءة ابن مسعود: ولى الذين آمنوا. ويروى أن رسول الله ÷ كان في الشعب يوم أحد وقد فشت فيهم الجراحات، وفيه نزلت، فنادى المشركون: اعل هبل: فنادى المسلمون: الله أعلى وأجل، فنادى المشركون: يوم بيوم والحرب سجال، إن لنا عزى ولا عزى لكم؛ فقال رسول الله ÷: «قولوا الله مولانا ولا مولى لكم، إن القتلى مختلفة أما قتلانا فأحياء يرزقون وأما قتلاكم ففي النار يعذبون. فإن قلت: قوله تعالى {وَرُدُّوا إِلَى اللهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِ} مناقض لهذه الآية. قلت: لا تناقض بينهما، لأن الله مولى عباده جميعا على معنى أنه ربهم ومالك أمرهم؛ وأما على معنى الناصر فهو مول المؤمنين خاصة.