الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

سورة الفتح

صفحة 337 - الجزء 4

  وقرئ: إلى أهلهم. وزين، على البناء للفاعل وهو الشيطان، أو الله ø، وكلاهما جاء في القرآن {وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ}، {زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمالَهُمْ} والبور: من بار، كالهلك: من هلك، بناء ومعنى؛ ولذلك وصف به الواحد والجمع والمذكر والمؤنث. ويجوز أن يكون جمع بائر كعائذ وعوذ. والمعنى: وكنتم قوما فاسدين في أنفسكم وقلوبكم ونياتكم لا خير فيكم. أو هالكين عند الله مستوجبين لسخطه وعقابه.

  {وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّا أَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ سَعِيراً ١٣}

  {لِلْكافِرِينَ} مقام مقام لهم، للإيذان بأنّ من لم يجمع بين الإيمانين الإيمان بالله وبرسوله فهو كافر، ونكر {سَعِيراً} لأنها نار مخصوصة، كما نكر {ناراً تَلَظَّى}.

  {وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً ١٤}

  {وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ} يدبره تدبير قادر حكيم، فيغفر ويعذب بمشيئته، ومشيئته تابعة لحكمته، وحكمته المغفرة للتائب وتعذيب المصر {وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً} رحمته سابقة لغضبه، حيث يكفر السيئات باجتناب الكبائر، ويغفر الكبائر بالتوبة.

  {سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلى مَغانِمَ لِتَأْخُذُوها ذَرُونا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونا كَذلِكُمْ قالَ اللهُ مِنْ قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنا بَلْ كانُوا لا يَفْقَهُونَ إِلاَّ قَلِيلاً ١٥}

  {سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ} الذين تخلفوا عن الحديبية {إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلى مَغانِمَ} إلى غنائم خيبر {أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللهِ} وقرئ كلم الله، أن يغيروا موعد الله لأهل الحديبية، وذلك أنه وعدهم أن يعوّضهم من مغانم مكة مغانم خيبر إذا قفلوا موادعين لا يصيبون منهم شيئا. وقيل: