سورة الحجرات
  قد ارتدوا ومنعوا الزكاة، فغضب رسول الله ÷ وهمّ أن يغزوهم، فبلغ القوم فوردوا وقالوا: نعوذ بالله من غضبه وغضب رسوله، فاتهمهم فقال: «لتنتهنّ أو لأبعثنّ إليكم رجلا هو عندي كنفسي يقاتل مقاتلتكم ويسبى ذراريكم» ثم ضرب بيده على كتف على رضى الله عنه. وقيل: بعث إليهم خالد بن الوليد فوجدهم منادين بالصلوات متهجدين، فسلموا إليه الصدقات، فرجع. وفي تنكير الفاسق والنبأ: شياع في الفساق والأنباء، كأنه قال: أىّ فاسق جاءكم بأىّ نبإ. فتوقفوا فيه وتطلبوا بيان الأمر وانكشاف الحقيقة، ولا تعتمدوا قول الفاسق «لأنّ من لا يتحامى جنس الفسوق لا يتحامى الكذب الذي هو نوع منه. والفسوق: الخروج من الشيء والانسلاخ منه. يقال: فسقت الرطبة عن قشرها. ومن مقلوبه: قفست البيضة، إذا كسرتها وأخرجت ما فيها. ومن مقلوبه أيضا: قفست الشيء إذا أخرجته عن يد مالكه مغتصبا له عليه، ثم استعمل في الخروج عن القصد والانسلاخ من الحق.
  قال رؤبة:
  فواسقا عن قصدها جوائرا
  وقرأ ابن مسعود: فتثبتوا. والتثبت والتبين: متقاربان، وهما طلب الثبات والبيان والتعرّف، ولما كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم والذين معه بالمنزلة التي لا يجسر أحد أن يخبرهم بكذب، وما كان يقع مثل ما فرط من الوليد إلا في الندرة. قيل: إن جاءكم بحرف الشك وفيه أنّ على المؤمنين أن يكونوا على هذه الصفة، لئلا يطمع فاسق في مخاطبتهم بكلمة زور {أَنْ تُصِيبُوا} مفعول له، أى: كراهة إصابتكم {قَوْماً بِجَهالَةٍ} حال، كقوله تعالى {وَرَدَّ اللهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ} يعنى جاهلين بحقيقة الأمر وكنه القصة. والإصباح: بمعنى الصيرورة. والندم: ضرب من الغم، وهو: أن تغتمّ على ما وقع منك تتمنى أنه لم يقع، وهو غم يصحب