الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

سورة ق

صفحة 382 - الجزء 4

  الضمير الراجع إليه على اللفظ دون المعنى {فَحَقَّ وَعِيدِ} فوجب وحل وعيدى، وهو كلمة العذاب. وفيه تسلية لرسول الله ÷، وتهديد لهم.

  {أَفَعَيِينا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ ١٥}

  عيى بالأمر: إذا لم يهتد لوجه عمله، والهمزة للإنكار. والمعنى: أنا لم نعجز كما علموا عن الخلق الأول، حتى نعجز عن الثاني، ثم قال: هم لا ينكرون قدرتنا على الخلق الأوّل، واعترافهم بذلك في طيه الاعتراف بالقدرة على الإعادة {بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ} أى في خلط وشبهة. قد لبس عليهم الشيطان وحيرهم. ومنه قول على رضى الله عنه: يا حار إنه لملبوس عليك، اعرف الحق تعرف أهله. ولبس الشيطان عليهم: تسويله إليهم أن إحياء الموتى أمر خارج عن العادة، فتركوا لذلك القياس الصحيح: أن من قدر على الإنشاء كان على الإعادة أقدر. فإن قلت: لم نكر الخلق الجديد، وهلا عرّف كما عرّف الخلق الأول؟ قلت: قصد في تنكيره إلى خلق جديد له شأن عظيم وحال شديد، حق من سمع به أن يهتم به ويخاف، ويبحث عنه ولا يقعد على لبس في مثله.

  {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ وَنَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ١٦}