الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

سورة ق

صفحة 388 - الجزء 4

  حجة علىّ، ثم قال: لا تطمعوا أن أبدل قولي ووعيدى فأعفيكم عما أوعدتكم به {وَما أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} فأعذب من ليس بمستوجب للعذاب. والباء في {بِالْوَعِيدِ} مزيدة مثلها في {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} أو معدية، على أن «قدّم» مطاوع بمعنى «تقدّم» ويجوز أن يقع الفعل على جملة قوله {ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَما أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} ويكون {بِالْوَعِيدِ} حالا، أى: قدّمت إليكم هذا ملتبسا بالوعيد مقترنا به. أو قدّمته إليكم موعدا لكم به. فإن قلت: إنّ قوله {وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ} واقع موقع الحال من {لا تَخْتَصِمُوا} والتقديم بالوعيد في الدنيا والخصومة في الآخرة واجتماعها في زمان واحد واجب. قلت: معناه ولا تختصموا وقد صح عندكم أنى قدمت إليكم بالوعيد، وصحة ذلك عندهم في الاخرة. فإن قلت: كيف قال {بِظَلَّامٍ} على لفظ المبالغة؟ قلت: فيه وجهان، أحدهما: أن يكون من قولك: هو ظالم لعبده، وظلام لعبيده. والثاني: أن يراد لو عذبت من لا يستحق العذاب لكنت ظلاما مفرط الظلم، فنفى ذلك.

  {يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ ٣٠}

  قرئ: نقول، بالنون والياء. وعن سعيد بن جبير: يوم يقول الله لجهنم. وعن ابن مسعود والحسن: يقال. وانتصاب اليوم بظلام أو بمضمر، نحو: أذكر وأنذر. ويجوز أن ينتصب بنفخ، كأنه قيل. ونفخ في الصور يوم نقول لجهنم. وعلى هذا يشار بذلك إلى يوم نقول، ولا يقدّر حذف المضاف. وسؤال جهنم وجوابها من باب التخييل الذي يقصد به تصوير