الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

سورة الطور

صفحة 410 - الجزء 4

  رَبُّهُمْ عَذابَ الْجَحِيمِ ١٨ كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ١٩ مُتَّكِئِينَ عَلى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ ٢٠}

  {فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ} في أية جنات وأى نعيم، بمعنى الكمال في الصفة. أو في جنات ونعيم مخصوصة بالمتقين خلقت لهم خاصة. وقرئ: فاكهين وفكهين وفاكهون: من نصبه حالا جعل الظرف مستقرا، ومن رفعه خبرا جعل الظرف لغوا، أى: متلذذين {بِما آتاهُمْ رَبُّهُمْ}. فإن قلت: علام عطف قوله {وَوَقاهُمْ رَبُّهُمْ}؟ قلت: على قوله {فِي جَنَّاتٍ} أو على {آتاهُمْ رَبُّهُمْ} على أن تجعل ما مصدرية، والمعنى: فاكهين بإيتائهم ربهم ووقايتهم عذاب الجحيم. ويجوز أن تكون الواو للحال وقد بعدها مضمرة. يقال لهم {كُلُوا وَاشْرَبُوا} أكلا وشربا {هَنِيئاً} أو طعاما وشرابا هنيئا، وهو الذي لا تنغيص فيه. ويجوز أن يكون مثله في قوله:

  هنيئا مريئا غير داء مخامر ... لعزّة من أعراضنا ما استحلّت

  أعنى: صفة استعملت استعمال المصدر القائم مقام الفعل مرتفعا به ما استحلت كما يرتفع بالفعل» كأنه قيل: هناء عزة المستحل من أعراضنا، وكذلك معنى {هَنِيئاً} هاهنا: هناءكم الأكل والشرب. أو هناءكم ما كنتم تعملون، أى: جزاء ما كنتم تعملون. والباء مزيدة كما في {كَفى بِاللهِ} والباء متعلقة بكلوا واشربوا إذا جعلت الفاعل الأكل والشرب. وقرئ: بعيس عين.

  {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ ٢١ وَأَمْدَدْناهُمْ بِفاكِهَةٍ