الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

سورة النجم

صفحة 419 - الجزء 4

  بعض عقاب الأرض المقدّسة، فنفحه بجناحه نفحة فألقاه في أقصى جبل بالهند {ذُو مِرَّةٍ} ذو حصافة في عقله ورأيه ومتانة في دينه {فَاسْتَوى} فاستقام على صورة نفسه الحقيقية دون الصورة التي كان يتمثل بها كلما هبط بالوحي، وكان ينزل في صورة دحية، وذلك أنّ رسول الله ÷ أحب أن يراه في صورته التي جبل عليها، فاستوى له في الأفق الأعلى وهو أفق الشمس فملأ الأفق. وقيل: ما رآه أحد من الأنبياء في صورته الحقيقية غير محمد ÷ مرتين: مرة في الأرض، ومرة في السماء {ثُمَّ دَنا} من رسول الله ÷ {فَتَدَلَّى} فتعلق عليه في الهواء. ومنه: تدلت الثمرة، ودلى رجليه من السرير. والدوالي: الثمر المعلق. قال:

  تدلّى عليها بين سب وخيطة

  ويقال: هو مثل القرلى: إن رأى خيرا تدلى، وإن لم يره تولى {قابَ قَوْسَيْنِ} مقدار قوسين عربيتين: والقاب والقيب، والقاد والقيد، والقيس: المقدار. وقرأ زيد بن على: قاد. وقرئ: قيد، وقدر. وقد جاء التقدير بالقوس والرمح، والسوط، والذراع، والباع، والخطوة، والشبر، والفتر، والأصبع. ومنه «لا صلاة إلى أن ترتفع الشمس مقدار رمحين». وفي الحديث «لقاب قوس أحدكم من الجنة وموضع قدّه خير من الدنيا وما فيها» والقدّ: السوط. ويقال: بينهما خطوات يسيرة. وقال: