سورة الحشر
  ومكان ظهور الإيمان بالإيمان {مِنْ قَبْلِهِمْ} من قبل المهاجرين، لأنهم سبقوهم في تبوّئ دار الهجرة والإيمان. وقيل: من قبل هجرتهم {وَلا يَجِدُونَ} ولا يعلمون في أنفسهم {حاجَةً مِمَّا أُوتُوا} أى طلب محتاج إليه مما أوتى المهاجرون من الفيء وغيره، والمحتاج إليه يسمى حاجة، يقال: خذ منه حاجتك، وأعطاه من ماله حاجته، يعنى: أنّ نفوسهم لم تتبع ما أعطوا ولم تطمح إلى شيء منه يحتاج إليه {وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ} أى خلة، وأصلها: خصاص البيت، وهي فروجه، والجملة في موضع الحال، أى: مفروضة خصاصتهم، وكان رسول الله ÷ قسم أموال بنى النضير على المهاجرين ولم يعط الأنصار إلا ثلاثة نفر محتاجين: أبا دجانة سماك بن خرشة، وسهل بن حنيف، والحرث بن الصمة. وقال لهم: إن شئتم قسمتم للمهاجرين من أموالكم ودياركم وشاركتموهم في هذه الغنيمة، وإن شئتم كانت لكم دياركم وأموالكم ولم يقسم لكم شيء من الغنيمة، فقالت الأنصار: بل نقسم لهم من أموالنا وديارنا ونؤثرهم بالغنيمة ولا نشاركهم فيها، فنزلت. الشح - بالضم والكسر، وقد قرئ بهما -: اللؤم، وأن تكون نفس الرجل كزة حريصة على المنع، كما قال:
  يمارس نفسا بين جنبيه كزّة ... إذا همّ بالمعروف قالت له مهلا
  وقد أضيف إلى النفس، لأنه غريزة فيها. وأما البخل فهو المنع نفسه. ومنه قوله تعالى {وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَ}. {وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ} ومن غلب ما أمرته به منه وخالف هواها بمعونة الله وتوفيقه {فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} الظافرون بما أرادوا. وقرئ: ومن يوقّ
  {وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَلِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ ١٠}