الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

سورة ن

صفحة 587 - الجزء 4

  تشبّبى تشبّب النّميمه ... تمشى بها زهرا إلى تميمه

  {مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ} بخيل. والخير: المال. أو مناع أهله الخير وهو الإسلام، فذكر الممنوع منه دون الممنوع، كأنه قال: مناع من الخير. قيل: هو الوليد بن المغيرة المخزومي: كان موسرا، وكان له عشرة من البنين، فكان يقول لهم وللحمته: من أسلم منكم منعته رفدي عن ابن عباس. وعنه: أنه أبو جهل. وعن مجاهد: الأسود بن عبد يغوث. وعن السدى: الأخنس ابن شريق، أصله في ثقيف وعداده في زهرة، ولذلك قيل: زنيم {مُعْتَدٍ} مجاوز في الظلم حده {أَثِيمٍ} كثير الآثام {عُتُلٍ} غليظ جاف، من عتله: إذا قاده بعنف وغلظة {بَعْدَ ذلِكَ} بعد ما عدّله من المثالب والنقائص {زَنِيمٍ} دعى. قال حسان:

  وأنت زنيم نيط فيءال هاشم ... كما نيط خلف الرّاكب القدح الفرد

  وكان الوليد دعيا في قريش ليس من سنخهم، ادعاه أبوه بعد ثمان عشرة من مولده. وقيل: بغت أمّه ولم يعرف حتى نزلت هذه الآية، جعل جفاءه ودعوته أشد معايبه، لأنه إذا جفا وغلظ طبعه قسا قلبه واجترأ على كل معصية، ولأنّ الغالب أن النطفة إذا خبثت خبث الناشئ منها. ومن ثم قال رسول الله ÷ «لا يدخل الجنة ولد الزنا ولا ولده ولا ولد ولده» و {بَعْدَ ذلِكَ} نظير {ثُمَ} في قوله {ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا} وقرأ الحسن: عتل،