الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

سورة الحاقة

صفحة 604 - الجزء 4

  لأمرى، فلم أبعث بعدها، ولم ألق ما ألقى. أو للحالة، أى: ليت هذه الحالة كانت الموتة التي قضت علىّ، لأنه رأى تلك الحالة أبشع وأمر مما ذاقه من مرارة الموت وشدته، فتمناه عندها {ما أَغْنى} نفى أو استفهام على وجه الإنكار، أى: أىّ شيء أغنى عنى ما كان لي من اليسار {هَلَكَ عَنِّي سُلْطانِيَهْ} ملكي وتسلطي على الناس، وبقيت فقيرا ذليلا. وعن ابن عباس: أنها نزلت في الأسود بن عبد الأشد. وعن فناخسرة الملقب بالعضد، أنه لما قال:

  عضد الدّولة وابن ركنها ... ملك الأملاك غلّاب القدر

  لم يفلح بعده وجنّ فكان لا ينطق لسانه إلا بهذه الآية. وقال ابن عباس: ضلت عنى حجتي. ومعناه: بطلت حجتي التي كنت أحتج بها في الدنيا.

  {خُذُوهُ فَغُلُّوهُ ٣٠ ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ ٣١ ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً فَاسْلُكُوهُ ٣٢ إِنَّهُ كانَ لا يُؤْمِنُ بِاللهِ الْعَظِيمِ ٣٣ وَلا يَحُضُّ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ ٣٤ فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هاهُنا حَمِيمٌ ٣٥ وَلا طَعامٌ إِلاَّ مِنْ غِسْلِينٍ ٣٦ لا يَأْكُلُهُ إِلاَّ الْخاطِؤُنَ ٣٧}

  {ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ} ثم لا تصلوه إلا الجحيم، وهي النار العظمى، لأنه كان سلطانا يتعظم على الناس. يقال: صلى النار وصلاه النار. سلكه في السلسلة: أن تلوى على جسده حتى تلتف