الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

سورة الجن

صفحة 631 - الجزء 4

  رَبِّي أَمَداً ٢٥ عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً ٢٦ إِلاَّ مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً ٢٧ لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسالاتِ رَبِّهِمْ وَأَحاطَ بِما لَدَيْهِمْ وَأَحْصى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً ٢٨}

  {قُلْ} للمتظاهرين عليه {إِنَّما أَدْعُوا رَبِّي} يريد: ما أتيتكم بأمر منكر، إنما أعبد ربى وحده {وَلا أُشْرِكُ بِهِ أَحَداً} وليس ذاك مما يوجب إطباقكم على مقتى وعداوتي. أو قال للجن عند ازدحامهم متعجبين: ليس ما ترون من عبادتي الله ورفضى الإشراك به بأمر يتعجب منه، إنما يتعجب ممن يدعو غير الله ويجعل له شريكا. أو قال الجن لقومهم ذلك حكاية عن رسول الله ÷ {وَلا رَشَداً} ولا نفعا. أو أراد بالضر: الغىّ، ويدل عليه قراءة أبىّ «غيا ولا رشدا» والمعنى: لا أستطيع أن أضركم وأن أنفعكم، إنما الضارّ والنافع الله. أو لا أستطيع أن أقسركم على الغىّ والرشد، إنما القادر على ذلك الله ø: و {إِلَّا بَلاغاً} استثناء منه. أى لا أملك إلا بلاغا من الله. و {قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي} جملة معترضة اعترض بها لتأكيد نفى الاستطاعة عن نفسه وبيان عجزه، على معنى أنّ الله إن أراد به سوءا من مرض أو موت أو غيرهما: لم يصح أن يجيره منه أحد أو يجد من دونه ملاذا يأوى إليه: والملتحد الملتجأ، وأصله المدّخل، من اللحد. وقيل: محيصا ومعدلا. وقرئ: قال لا أملك،