سورة القيامة
  الْعاجِلَةَ} كأنه قال: بل أنتم يا بنى آدم لأنكم خلقتم من عجل وطبعتم عليه تعجلون في كل شيء، ومن ثم تحبون العاجلة {وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ} وقرئ بالياء وهو أبلغ. فإن قلت: كيف اتصل قوله {لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ} إلى آخره، بذكر القيامة؟ قلت: اتصاله به من جهة هذا للتخلص منه، إلى التوبيخ بحب العاجلة وترك الاهتمام بالآخرة. الوجه: عبارة عن الجملة. والناضرة: من نضرة النعيم {إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ} تنظر إلى ربها خاصة لا تنظر إلى غيره، وهذا معنى تقديم المفعول. ألا ترى إلى قوله {إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ}، {إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ}، {إِلَى اللهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ}، {وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ}، {وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}، {عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} كيف دلّ فيها التقديم على معنى الاختصاص، ومعلوم أنهم ينظرون إلى أشياء لا يحيط بها الحصر ولا تدخل تحت العدد في محشر يجتمع فيه الخلائق كلهم، فإنّ المؤمنين نظارة ذلك اليوم لأنهم الآمنون الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، فاختصاصه بنظرهم إليه لو كان منظورا إليه: محال، فوجب حمله على معنى يصح معه الاختصاص، والذي يصح معه أن يكون من قول الناس: أنا إلى فلان ناظر ما يصنع بى، تريد معنى التوقع والرجاء. ومنه قول القائل:
  وإذا نظرت إليك من ملك ... والبحر دونك زدتني نعما
  وسمعت سروية مستجدية بمكة وقت الظهر حين يغلق الناس أبوابهم، ويأوون إلى مقائلهم. تقول: عيينتى نويظرة إلى الله وإليكم، والمعنى: أنهم لا يتوقعون النعمة والكرامة إلا من ربهم، كما كانوا في الدنيا لا يخشون ولا يرجون إلا إياه، والباسر: الشديد العبوس، والباسل: أشد