سورة المرسلات
  ومهمه هالك من تعرّجا
  {ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ} بالرفع على الاستئناف، وهو وعيد لأهل مكة. يريد: ثم نفعل بأمثالهم من الآخرين مثل ما فعلنا بالأولين، ونسلك بهم سبيلهم لأنهم كذبوا مثل تكذيبهم. ويقويها قراءة ابن مسعود. ثم سنتبعهم. وقرئ بالجزم للعطف على نهلك. ومعناه: أنه أهلك الأولين من قوم نوح وعاد وثمود، ثم أتبعهم الآخرين من قوم شعيب ولوط وموسى {كَذلِكَ} مثل ذلك الفعل الشنيع {نَفْعَلُ} بكل من أجرم إنذارا وتحذيرا من عاقبة الجرم وسوء أثره.
  {أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ ٢٠ فَجَعَلْناهُ فِي قَرارٍ مَكِينٍ ٢١ إِلى قَدَرٍ مَعْلُومٍ ٢٢ فَقَدَرْنا فَنِعْمَ الْقادِرُونَ ٢٣ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ٢٤}
  {إِلى قَدَرٍ مَعْلُومٍ} إلى مقدار من الوقت معلوم قد علمه الله وحكم به: وهو تسعة الأشهر، أو ما دونها، أو ما فوقها {فَقَدَرْنا} فقدّرنا ذلك تقديرا {فَنِعْمَ الْقادِرُونَ} فنعم المقدّرون له نحن. أو فقدرنا على ذلك فنعم القادرون عليه نحن، والأوّل أولى لقراءة من قرأ: فقدّرنا بالتشديد، ولقوله {مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ}.
  {أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفاتاً ٢٥ أَحْياءً وَأَمْواتاً ٢٦ وَجَعَلْنا فِيها رَواسِيَ شامِخاتٍ وَأَسْقَيْناكُمْ ماءً فُراتاً ٢٧ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ٢٨}
  الكفات: من كفت الشيء إذا ضمه وجمعه: وهو اسم ما يكفت، كقولهم: الضمام والجماع لما يضم ويجمع، يقال: هذا الباب جماع الأبواب، وبه انتصب {أَحْياءً وَأَمْواتاً} كأنه قيل: كافتة أحياء وأمواتا. أو بفعل مضمر يدل عليه وهو تكفت. والمعنى: تكفت أحياء على ظهرها، وأمواتا في بطنها. وقد استدل بعض أصحاب الشافعي | على قطع النباش بأنّ الله تعالى جعل الأرض كفاتا للأموات، فكان بطنها حرزا لهم، فالنباش سارق من الحرز. فإن قلت: لم قيل أحياء وأمواتا على التنكير، وهي كفات الأحياء والأموات جميعا؟ قلت: