الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

سورة الأعراف

صفحة 187 - الجزء 2

  {فَلَمَّا آتاهُما} ما طلباه من الولد الصالح السوىّ {جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ} أى جعل أولادهما له شركاء، على حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه، وكذلك {فِيما آتاهُما} أى آتى أولادهما، وقد دلّ على ذلك بقوله {فَتَعالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} حيث جمع الضمير. وآدم وحواء بريئان من الشرك. ومعنى إشراكهم فيما آتاهم الله: تسميتهم أولادهم بعبد العزى وعبد مناة وعبد شمس وما أشبه ذلك، مكان عبد الله وعبد الرحمن وعبد الرحيم. ووجه آخر وهو أن يكون الخطاب لقريش الذين كانوا في عهد رسول الله ÷، وهم آل قصى ألا ترى إلى قوله في قصة أم معبد:

  فَيَا لَقُصَىّ مَا زَوَى اللهُ عَنْكُمُ ... بِهِ مِنْ فَخَارٍ لَا يُبَارَى وَسُودَدِ

  ويراد هو الذي خلقكم من نفس قصىّ، وجعل من جنسها زوجها عربية قرشية ليسكن إليها، فلما آتاهما ما طلبا من الولد الصالح السوىّ جعلا له شركاء فيما آتاهما، حيث سميا أولادهما