سورة التوبة
  قوله {فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ} لأن الكلام خطاب للمسلمين. ومعناه: براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين، فقولوا لهم سيحوا، إلا الذين عاهدتم منهم ثم لم ينقضوا فأتموا إليهم عهدهم والاستثناء بمعنى الاستدراك، وكأنه قيل بعد أن أمروا في الناكثين، ولكن الذين لم ينكثوا فأتموا عليهم عهدهم، ولا تجروهم مجراهم، ولا تجعلوا الوفىَّ كالغادر {إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} يعنى أنّ قضية التقوى أن لا يسوّى بين القبيلين فاتقوا الله في ذلك {لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئاً} لم يقتلوا منكم أحداً ولم يضروكم قط {وَلَمْ يُظاهِرُوا} ولم يعاونوا {عَلَيْكُمْ} عدوّا، كما عدت بنو بكر على خزاعة عيبة رسول الله ÷، وظاهرتهم قريش بالسلاح حتى وفد عمرو بن سالم الخزاعي على رسول الله ÷ فأنشد:
  لَاهُمَّ إنِّى نَاشِدٌ مُحَمَّدَا ... حِلْفَ أَبِينَا وَأبِيكَ الأَتْلَدَا
  إن قُرَيْشا أَخْلَفُوكَ الْمَوْعِدَا ... وَنَقَضُوا ذِمَامَكَ الْمُؤَكَّدَا
  هُمْ بَيَّتُونَا بِالْحَطِيمِ هُجَّدَا ... وَقَتَلُونَا رُكَّعا وَسُجَّدَا