الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

سورة التوبة

صفحة 248 - الجزء 2

  صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ}. {فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} فأطلقوا عنهم بعد الأسر والحصر. أو فكفوا عنهم ولا تتعرّضوا لهم كقوله:

  خَلِّ السَّبِيلَ لِمَنْ يَبْنِى الْمَنَارَ بِهِ

  وعن ابن عباس رضى الله عنه: دعوهم وإتيان المسجد الحرام {إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} يغفر لهم ما سلف من الكفر والغدر.

  {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْلَمُونَ ٦}

  {أَحَدٌ} مرتفع بفعل الشرط مضمراً يفسره الظاهر، تقديره: وإن استجارك أحد استجارك ولا يرتفع بالابتداء، لأنّ «إن» من عوامل الفعل لا تدخل على غيره. والمعنى: وإن جاءك أحد من المشركين بعد انقضاء الأشهر لا عهد بينك وبينه ولا ميثاق، فاستأمنك ليسمع ما تدعو إليه من التوحيد والقرآن، وتبين ما بعثت له فأمّنه {حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللهِ} ويتدبره ويطلع على حقيقة الأمر {ثُمَّ أَبْلِغْهُ} بعد ذلك داره التي يأمن فيها إن لم يسلم. ثم قاتله إن شئت من غير غدر ولا خيانة، وهذا الحكم ثابت في كل وقت. وعن الحسن رضى الله عنه: هي محكمة إلى يوم القيامة. وعن سعيد بن جبير: جاء رجل من المشركين إلى علىّ ¥ فقال: إن أراد الرجل منا أن يأتى محمداً بعد انقضاء هذا الأجل يسمع كلام الله، أو يأتيه لحاجة قتل؟ قال: لا، لأنّ الله تعالى يقول {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ ...} الآية وعن السدّى والضحاك