الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

سورة التوبة

صفحة 249 - الجزء 2

  ®: هي منسوخة بقوله تعالى {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ}. {ذلِكَ} أى ذلك الأمر، يعنى الأمر بالإجارة في قوله {فَأَجِرْهُ}. بسبب {بِأَنَّهُمْ} قوم جهلة {لا يَعْلَمُونَ} ما الإسلام وما حقيقة ما تدعو إليه، فلا بدّ من إعطائهم الأمان حتى يسمعوا ويفهموا الحق.

  {كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ إِلاَّ الَّذِينَ عاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ فَمَا اسْتَقامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ ٧ كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلاًّ وَلا ذِمَّةً يُرْضُونَكُمْ بِأَفْواهِهِمْ وَتَأْبى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فاسِقُونَ ٨}

  {كَيْفَ} استفهام في معنى الاستنكار والاستبعاد، لأن يكون للمشركين عهد عند رسول الله ÷، وهم أضداد وغرة صدورهم، يعنى: محال أن يثبت لهؤلاء عهد فلا تطمعوا في ذلك ولا تحدثوا به نفوسكم ولا تفكروا في قتلهم. ثم استدرك ذلك بقوله {إِلَّا الَّذِينَ عاهَدْتُمْ} أى ولكن الذين عاهدتم منهم {عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ} ولم يظهر منهم نكث كبني كنانة وبنى ضمرة، فتربصوا أمرهم ولا تقاتلوهم {فَمَا اسْتَقامُوا لَكُمْ} على العهد {فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ} على مثله {إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} يعنى أن التربص بهم من أعمال المتقين {كَيْفَ} تكرار لاستبعاد ثبات المشركين على العهد، وحذف الفعل لكونه معلوماً كما قال:

  وَخَبَّرْتُمَانِى أَنَّمَا الْمَوْتُ بِالْقُرَى ... فَكَيْفَ وَهَاتَا هَضْبَة وَقَليبُ

  يريد: فكيف مات، أى: كيف يكون لهم عهد {وَ} حالهم أنهم {إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ} بعد