الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية،

حميد بن أحمد المحلي (المتوفى: 652 هـ)

(وقعة الجمل)

صفحة 85 - الجزء 1

  والذرية، فإني مننت على أهل البصرة لمّا افتتحتها وهم يدّعون الإسلام كما منّ رسول الله ÷ على أهل مكة وهم مشركون لمّا افتتحها، وكان أولادهم ولدوا على الفطرة قبل الفرقة بدينهم⁣(⁣١) وإن عدوا علينا أخذناهم بذنوبهم، ولم نأخذ صغيرا بذنب كبير، وقد قال تعالى في كتابه: {وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ}⁣[آل عمران: ١٦١]، قال رسول الله ÷: «لو أن رجلا غلّ عقالا من الحرب لأتى يوم القيامة وهو مغلول به حتى يؤديه». وكانت أم المؤمنين أثقل من عقال، فلو غللتها وقسمت سوى ذلك فإنه غلول، ولو قسمتها لكم وهي أمكم لاستحل منها ما حرم الله، فأيكم كان يأخذ أم المؤمنين في سهمه وهي أمه؟

  قالوا: لا أحد وهذه بحجتنا هذه.

  وأما قولكم: إني حكّمت الحكمين، فقد عرفتم كراهتي لهما إلا أن تكذبوا. وقولي لكم: ولّوها رجلا من قريش، فإن قريشا لا تخدع فأبيتم إلا أن وليتموها من وليتم. فإن قلتم: سكت حيث فعلنا ولم تنكر، فإنما جعل الله الإقرار على النساء في بيوتهن، ولم يجعله على الرجال في بيوتهم. فإن كذبتم وقلتم: أنت حكّمت ورضيت، فإن الله قد حكّم في دينه الرجال وهو أحكم الحاكمين، فقال: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ} الآية [المائدة: ٩٥]، وقال: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقاقَ بَيْنِهِما فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِها}⁣[النساء: ٣٥]. فإنما على الإنسان الاجتهاد في استصلاح الحكمين، فإن عدلا كان العدل⁣(⁣٢) فيما رأياه أولى، وإن لم يعدلا فيه وجارا كان الوزر عليهما، ولا تزر وازرة وزر أخرى، قالوا: صدقت وهذه بحجتنا هذه.


(١) في (أ): فلا نأخذهم بذنبهم.

(٢) في (أ): الأمر.