الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية،

حميد بن أحمد المحلي (المتوفى: 652 هـ)

(وقعة الجمل)

صفحة 86 - الجزء 1

  وأمّا قولكم: إني حكّمت وأنا أولى الناس بالحكم فقد حكّم رسول الله ÷ سعد بن معاذ يوم اليهود فحكم أن تقتل مقاتلتهم وتسبى ذراريهم وجعل أموالهم للمهاجرين دون الأنصار، فقالوا: صدقت وهذه بحجتنا هذه.

  وأمّا قولكم: إني قلت للحكمين: انظرا في كتاب الله فإن كان معاوية أحق بها مني فأثبتوه وإن كنت أولى⁣(⁣١) بها فأثبتوني، فلو أن الحكمين اتقيا الله ونظرا إلى القرآن عرفا أنني كنت من السابقين بإسلامي قبل معاوية، ومعاوية مشرك، وعرفت أنهم إذا نظروا في كتاب الله وجدوني يجب لي على معاوية الاستغفار؛ لأني سبقته بالإيمان، ولا يجب لمعاوية علي الاستغفار، ووجدوني يجب لي على معاوية خمس ما غنمتم؛ لأن الله تبارك وتعالى أمر بذلك إذ يقول: {وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ}⁣[الأنفال: ٤١]، فإذا حكما بما أنزل الله أثبتوني، ولو قلت: احكموا وأثبتوني أبى معاوية، ولكني أظهرت لهم النصفة حتى رضي. كما أن رسول الله ÷ لو قال: أجعل لعنة الله عليكم أبوا أن يباهلوا، ولكن جعل لعنة الله على الكاذبين، فهم الكاذبون واللعنة عليهم، ولكن أظهر لهم النصفة فقبلوا، قالوا: صدقت هذه بحجتنا هذه.

  وأمّا قولكم: إن كان معاوية أهدى مني فأثبتوه، فإنني قد عرفت أنهم لا يجدونه أهدى مني، وقد قال الله تبارك وتعالى: {قُلْ فَأْتُوا بِكِتابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ هُوَ أَهْدى مِنْهُما أَتَّبِعْهُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ}⁣[القصص: ٤٩] فقد⁣(⁣٢) عرفت أنهم لا يجدون معاوية أهدى مني.

  وأما قولكم: إن الحكمين كانا رجلي سوء فلم حكّمتهما؟ فإنهما لو حكما بالعدل لدخلا فيما نحن فيه وخرجا من سوئهما، كما أن أهل الكتاب لو حكموا


(١) في (أ): أحق.

(٢) في (ج): فكذلك.