الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية،

حميد بن أحمد المحلي (المتوفى: 652 هـ)

ذكر مقتله ومبلغ عمره وموضع قبره #:

صفحة 97 - الجزء 1

  فوافقه ابن بكر فقتله، فأمسك فانطلق به إلى عمرو، وقال لعمرو: يا عدو الله والله ما أردت غيرك لكنّ الله أبى إلا خارجه، ثم أمر به فقتل وصلب.

  وروينا عن جعفر بن محمد عن أبيه $: أن أمير المؤمنين # كان يخرج إلى الصبح وفي يده درّة يوقظ بها الناس، فضربه ابن ملجم، فقال علي #: أطعموه واسقوه وأحسنوا إساره، فإن عشت فالحق حقي،⁣(⁣١) فإن شئت استقدت. وفي بعض الأخبار كفوا عنه وأوثقوه، فإن أعش فالحق حقي أرى فيه رأيي، وإن أمت فرأيكم في حقكم.

  وضرب # ليلة تسع عشرة من شهر رمضان. وروينا أنه # لما ضرب جمع له أطباء أهل الكوفة فلم يكن فيهم أعلم بجرحه من أثير بن عمرو بن هاني السكوني، وكان متطببا صاحب كرسي يعالج الجراحات، وكان من الأربعين غلاما الذين كان خالد بن الوليد أصابهم في بيعة عين التمر فسباهم. وأن أثيرا لما نظر إلى جرح أمير المؤمنين # دعا برءه شاة حارة فاستخرج عرقا منها فأدخله الجرح ثم استخرجه فإذا عليه بياض الدماغ فقال له: يا أمير المؤمنين، اعهد عهدك فإن عدو الله قد وصلت ضربته إلى أم رأسك⁣(⁣٢).

  وروينا عن جعفر بن محمد عن آبائه $ قال: لما ضرب أمير المؤمنين علي # الضربة التي توفي منها، استند إلى أسطوانة المسجد، والدماء تسيل على شيبته، وضجّ الناس في المسجد كهيئة يوم قبض فيه النبي ÷، فابتدأ خطيبا فقال - بعد الثناء على الله تعالى والصلاة على نبيه ÷: كل امرئ ملاق ما يفر منه، والأجل تساق إليه النفس، والهرب منه موافاته. كم اطردت الأيام ابحثها عن مكنون هذا الأمر فأبى الله إلا ستره، وإخفاءه علما مكنونا. أما


(١) في (ب): أرى فيه رأيي، وإن شئت ...

(٢) ابن أبي الحديد ٢/ ٤٤، ومقاتل الطالبين ٣٨، أمالي أبي طالب ٧٩ - ٨٠.