الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية،

حميد بن أحمد المحلي (المتوفى: 652 هـ)

ذكر نكت من كلامه وسيرته #:

صفحة 104 - الجزء 1

  وإن أبغض خلق الله إلى الله عبد وكله إلى نفسه جائر عن قصد السبيل، مشغوف بكلام بدعة، فهو فتنة لمن افتتن بعبادته، ضال عن هدي من كان قبله، مضل لمن اقتدى به، حمّال خطايا غيره، رهين بخطيئته، قمش جهلا من الجهال فأوطأ الناس عشوة، غارا بأوباش الفتنة⁣(⁣١)، قد لهج بالصلاة والصوم، فسمّاه أشباهه من الناس عالما ولم يغن في العلم يوما سالما، تكثر فاستكثر، وما قل منه خير مما كثر، حتى إذا ارتوى من آجن وأكثر من غير طائل، قعد حاكما بين الناس، ضامنا لتخليص ما اشتبه عليهم، إن نزلت به إحدى المبهمات هيأ لها حشوا من رأيه، فهو من⁣(⁣٢) قطع الشبهات في مثل غزل العنكبوت إن أصاب⁣(⁣٣)، وإن أخطأ لم يعلم، لأنه لا يعلم أصاب أم أخطأ لا يحسب أن العلم في شيء مما ينكر، ولا أن من وراء ما بلغه غاية، إن قاس شيئا لم يكذب بصره، وإن أظلم عليه أمر كتم ما يعلم من نفسه، لكيلا يقال: لا يعلم، ركّاب عشوات، وخائض غمرات، ومفتاح ظلمات، ومعتقد شبهات، لا يعتذر مما لا يعلم، ولا يعض على العلم بضرس قاطع فيسلم، يذرو الرواية ذرو الريح الهشيم، تصرخ منه الدماء، وتبكي منه المواريث، ويستحل بقضائه الفروج⁣(⁣٤) الحرام، ويحرّم بقضائه الفروج الحلال، لا مليء بإصدار ما ورد عليه، ولا أهل لإصلاح ما فرط منه، فأبصروا معادن الجور، واستقصوا آثارها، واستروحوا إلى طاعة الله من لا تعذرون بجهالته، ثم ردوا هذا عذب فرات، واحذروا هذا ملح أجاج، واعلموا أن العلم الذي هبط به آدم #، وما فصلته الأنبياء، في عترة نبيكم ÷ فأين يتاه بكم عن أمر تنوسخ من أصلاب أصحاب السفينة؟ هؤلاء مثلها فيكم، وهم لكم كالكهف لأصحاب الكهف، وهم باب حطة، وباب السلم، فأدخلوا في كافة، خذوا عني عن


(١) في النهج: عاد في أغباش.

(٢) في (ب): في.

(٣) في النهج من لبس الشبهات في مثل نسج العنكبوت.

(٤) في (ج): الفرج.