ذكر نكت من كلامه وسيرته #:
  خاتم المرسلين حجة من ذي حجة قالها في حجة الوداع: إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا: كتاب الله، وعترتي أهل بيتي، إن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض»(١).
  وروينا بالإسناد الموثوق به: أن رجلا قام إلى علي بن أبي طالب #، فقال: يا أمير المؤمنين، كيف كان ربنا؟ فقال علي #: كيف لم يكن وربنا لم يزل تبارك وتعالى، وإنما يقال: لشيء لم يكن كيف كان؟ فأما ربنا فهو قبل القبل، وقبل كل غاية، انقطعت الغايات عنده، فهو غاية كل غاية، فقال: كيف عرفته؟
  فقال: أعرفه بما عرّف به نفسه، {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ٣ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ ٤}[الإخلاص]، لا يدرك بالحواس، ولا يقاس بالناس، متدان في علوه، عال في دنوه: {ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ وَلا أَدْنى مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ ما كانُوا}[المجادلة: ٧] قريب غير ملتصق، بعيد غير متقص، يعرف بالعلامات، وثبت بالآيات، يوحّد ولا يبعض، ويحقق ولا يمثل، لا إله إلا هو الكبير المتعال(٢).
  وروينا عن أبي المعتمر قال: حضرت مجلس أمير المؤمنين علي # في جامع الكوفة، فقام إليه رجل مصفار اللون، كأنه من متهودة اليمن، فقال:
  يا أمير المؤمنين صف لنا خالقك وانعته لنا حتى كأنا نراه وننظر إليه، فسبح علي # ربه ø وعظمه، وقال: الحمد لله الذي هو أول لا بدئ مما، ولا باطن فيما، ولا هو ممازج مع ما، ولا حال بما، ليس بشبح فيرى، ولا بجسم فيتجزى، ولا بذي غاية فيتناهى، ولا بمحدث فيتصرف، ولا بمستتر فيتكشف، ولا كان بعد أن لم يكن، بل حارت الأوهام أن تكيف المكيّف للأشياء، من لم يزل لا بمكان، ولا يزول لاختلاف الأزمان، ولا يقلبه شأن بعد شأن، البعيد من تخيّل القلوب،
(١) نهج البلاغة ص ٢٧ خطبة رقم ١٧ بخلاف يسير.
(٢) الأمالي ١٨٨.