الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية،

حميد بن أحمد المحلي (المتوفى: 652 هـ)

ذكر نكت من كلامه وسيرته #:

صفحة 106 - الجزء 1

  المتعالي عن الأشباه والضروب، علام الغيوب، فمعاني الخلق عنه منفيّة، وسرائرهم عليه غير خفية، المعروف بغير كيفية، ولا يدرك بالحواس، ولا يقاس بالناس، لا تدركه الأبصار، ولا تحيط به الأقدار، ولا تقدّره العقول، ولا تقع عليه الأوهام⁣(⁣١).

  ومن خطبة له # قوله: الحمد لله الذي لا من شيء كان، ولا من شيء خلق ما كوّن، يستشهد بحدوث الأشياء على قدمه، وبما وسمها من العجز على قدرته، وبما اضطرها إليه من الفناء على دوامه، لم يخل منه مكان فيدرك بأينيّة، ولا له شبح مثال فيوصف بكيفية، ولم يغب عن شيء فيعلم بحيثية، مباين لجميع ما جرى في الصفات، وممتنع عن الإدراك بما ابتدع من تصريف الأدوات، وخارج بالكبرياء والعظمة من جميع تصرم الحالات، لا تحويه الأماكن لعظمته، ولا تدركه الأبصار لجلاله، ممتنع من الأوهام أن تستعرفه، وعن الأذهان أن تتمثله.

  وفي رواية أخرى: فليست له صفة تنال، ولا حد يضرب له فيه بالأمثال، كلّ دون صفاته تخابير اللغات، وضل هنالك تصاريف الصفات، وحار دون ملكوته عميقات مذاهب التفكير، وانقطع دون الرسوخ في علمه جوامع التفسير، وحال دون غيبه المكنون حجب من الغيوب، تاهت في أدنى أدانيها طامحات العقول، واحد لا بعدد، دائم لا بأمد، قائم لا بعمد، ليس بجنس فتعادله الأجناس، ولا بشبح فتضارعه الأشباح، ليس لها محيص عن إدراكه لها، ولا خروج عن إحاطته بها، ولا احتجاب عن إحصائه لها، ولا امتناع من قدرته عليها، كفى بإتقان صنعه لها آية، وبتركيب خلقها عليه دلالة، وبحدوث ما فطر على قدمه شهادة، فليس له حد منسوب، ولا مثل مضروب، ولا شيء هو عنه محجوب، تعالى عن ضرب الأمثال والصفات المخلوقة علوا كبيرا⁣(⁣٢).


(١) الأمالي ١٩٠، وحلية الأولياء ١/ ٧٢، والسيوطي في الكبير ٢٥٨ رقم ٥٦٤٩.

(٢) الأمالي ١٩٨ - ١٩٩.