الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية،

حميد بن أحمد المحلي (المتوفى: 652 هـ)

ومن كلام له #

صفحة 113 - الجزء 1

  فلما قرعته بالحجة في ملأ من الحاضرين بهت لا يرى ما يجيبني به.

  اللهم إني أستعديك على قريش فإنهم قطعوا رحمي، وصغّروا عظيم منزلتي، وأجمعوا على منازعتي أمرا هو لي، ثم قالوا: ألا إن في الحق أن تأخذه، وفي الحق أن تتركه⁣(⁣١).

  ومن كتاب له # إلى معاوية جوابا

  وهو من محاسن الكتب أما بعد:

  فقد أتاني كتابك تذكر اصطفاء الله ø محمدا ÷ لدينه، وتأييده بمن أيّده من أصحابه، فلقد خبأ لنا الدهر منك عجبا إذ طفقت تخبرنا ببلاء الله عندنا، ونعمته علينا في نبينا ÷، فكنت في ذلك كناقل التمر إلى هجر، وداعي مسدّده إلى النّضال، وزعمت أن أفضل الناس في الإسلام فلان وفلان، فذكرت أمرا إن تم اعتزلك كلّه، وأن نقص لم يلحقك ثلمه، وما أنت والفاضل والمفضول، والسائس والمسوس، وما للطلقاء وأبناء الطلقاء، والتمييز بين المهاجرين، وترتيب درجاتهم، وتعريف طبقاتهم؟ هيهات! لقد حن قدح ليس منها، وطفق يحكم فيها من عليه الحكم لها، ألا تربع أيها الإنسان على ظلعك، وتعرف قصور ذرعك، وتتأخر حيث أخرك القدر! فما عليك غلبة المغلوب، ولا لك ظفر الظافر، وإنك لذهّاب في التيه، روّاغ عن القصد، ألا ترى - غير مخبر لك، لكن بنعمة الله أحدّث - أن قوما استشهدوا في سبيل الله من المهاجرين، ولكل فضل، حتى إذا استشهد شهيدنا قيل: سيد الشهداء، وخصه رسول الله ÷ بسبعين تكبيرة عند صلاته عليه، أولا ترى أن قوما قطعت أيديهم في سبيل الله ولكل فضل، حتى إذا فعل بواحدنا كما فعل بواحدهم، قيل: الطيار في الجنة، وذو الجناحين، ولولا ما نهى الله عنه من تزكية المرء نفسه لذكر ذاكر فضائل جمة تعرفها قلوب المؤمنين، ولا تمجها آذان السامعين، فدع


(١) نهج البلاغة ص ٤٠٦، خطبة رقم ١٧٠.