ومن كلام له #
  عنك ما مالت به الرميّة، فإنا صنائع ربنا، والناس بعد صنائع لنا. لم يمنعنا قديم عزنا، وعادي طولنا على قومك أن خلطناكم(١) بأنفسنا فنكحنا وأنكحنا فعل الأكفّاء ولستم هنالك! وأنى يكون ذلك كذلك؟ ومنّا النبيّ ÷، ومنكم المكذّب؟ ومنا أسد الله، ومنكم أسد الأحلاف؟ ومنا سيدا شباب أهل الجنة، ومنكم صبية النار؟ ومنّا خير نساء العالمين، ومنكم حمالة الحطب؟ في كثير مما لنا وعليكم. فإسلامنا(٢) قد سمع، وجاهليّتنا لا تدفع، وكتاب الله يجمع لنا ما شذّ عنّا وهو قوله تعالى: {وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ}[الأنفال: ٧٥]، وقوله تعالى: {إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ}[آل عمران: ٦٨] فنحن مرة أولى بالقرابة، وتارة أولى بالطاعة، ولمّا احتج المهاجرون على الأنصار يوم السقيفة برسول الله ÷، فلجوا عليهم: فإن يكن الفلج به فالحق لنا دونكم، وإن يكن بغيره فالأنصار على دعواهم! وزعمت أني لكل الخلفاء حسدت، وعلى كلهم بغيت، فإن يكن ذلك كذلك فليس الجناية عليك فيكون العذر إليك «وتلك شكاة ظاهر عنك عارها».
  وقلت: إني كنت أقاد كما يقاد الجمل المخشوش حتى أبايع، ولعمر الله لقد أردت أن تذم فمدحت، وأن تفضح فافتضحت! وما على المسلم من غضاضة في أن يكون مظلوما ما لم يكن شاكّا في دينه، ولا مرتابا بيقينه، وهذه حجتي إلى غيرك قصدها، ولكني أطلقت لك بقدر ما سنح من ذكرها.
  ثم ذكرت ما كان من أمري وأمر عثمان فلك أن تجاب عن هذه لرحمك منه، فأينا كان أعدى له، وأهدى إلى مقاتله؟ أمن بذل له نصرته فاستقعده واستكفّه؟ أم
(١) في (آ): خلطناهم.
(٢) في (ب، ج): ما قد سمع.