ومن كلام له #
  من استنصره فتراخى عنه، وبث المنون إليه حتى أتى قدره عليه؟ كلا والله: {قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقائِلِينَ لِإِخْوانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنا وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا}[الأحزاب: ١٨] وما كنت اعتذر من أني كنت أنقم عليه أحداثا، فإن كان الذنب إليه إرشادي وهدايتي له، فربّ ملوم لا ذنب له:
  وقد يستفيد الظّنة المتنصّح
  وما أردت إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب. وذكرت أنه ليس لي ولأصحابي عندك إلا السيف! فلقد أضحكت بعد استعبار! متى ألفيت بني عبد المطلب عن الأعداء ناكلين، وبالسيوف مخوّفين؟
  لبّث قليلا يلحق الهيجا حمل(١)
  فيطلبك من تطلب، ويقرب منك ما تستبعد، وأنا مرقل نحوك في جحفل من المهاجرين والأنصار، والتابعين بإحسان، شديد زحامهم، ساطع قتامهم، متسربلين سرابيل الموت، أحبّ اللقاء إليهم لقاء ربهم، قد صحبتهم ذريّة بدرية، وسيوف هاشميّة، قد عرفت مواقع نصالها في أخيك، وخالك، وجدك، وأهلك، وما هي من الظالمين ببعيد(٢).
  ومن كلام له #:
  رويناه من أمالي السيد أبي طالب # بإسناده عن الحارث أن أمير المؤمنين # خطب فقال: ألا إن الحق لو أخلص له لم يخف على ذي حجى، ألا وإن الباطل لو أخلص لم يخف على ذي حجى، ولكنه يؤخذ من هذا ضغث ومن هذا ضغث فيمزجان، فحينئذ استولى الشيطان على حزبه، ونجا حزب الله الذين سبقت لهم من الله الحسنى. ألا وإن الباطل خيل شمس ركبها أهلها وأرسلوا أزمتها فسارت حتى انتهت بهم إلى نار وقودها الناس والحجارة،
(١) يشير إلى بيت قائله حمل بن بدر.
(٢) نهج البلاغة رقم ٢٨ ص ٥٦٥.