الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية،

حميد بن أحمد المحلي (المتوفى: 652 هـ)

ومن خطبة له # في الاستسقاء:

صفحة 119 - الجزء 1

  ووحشك المهملة، وأنزل علينا سماء مخضلة، مدرارا هاطلة، يدافع الودق منها الودق، ويحفز القطر منها القطر، غير خلّب برقها، ولا جهام عارضها، ولا قزع ربابها، ولا شفان ذهابها حتى يخصب لإمراعها المجدبون، ويحيا ببركتها المسنتون، فإنك تنزل الغيث من بعد ما قنطوا وتنشر رحمتك وأنت الولي الحميد⁣(⁣١).

  قال السيد الرضي ¥: قوله #: «انصاحت جبالنا» أي:

  تشققت من المحول، يقال: انصاح الثوب، إذا انشق، ويقال أيضا: انصاح النبت، وصاح وصوّح إذا جفّ ويبس. وقوله: «هامت دوابّنا» أي: عطشت، والهيام: العطش. وقوله: «حدابير السنين» جمع حدبار وهي: الناقة التي أنضاها السير، فشبه بها السنة التي فشا فيها الجدب. قال ذو الرمة:

  حدابير ما تنفك إلا مناخة ... على الخسف أو نرمي بها بلدا قفرا

  وقوله: «لا قزع ربابها» القزع: القطع الصغار المتفرقة من السحاب. وقوله:

  «ولا شفّان ذهابها» فإن تقديره: ولا ذات شفّان ذهابها. والشفان: الريح الباردة.

  والذهاب: الأمطار اللّينة. فحذف «ذات» لعلم السامع به⁣(⁣٢).

  وروينا عن أبي مطر البصري قال: كنت من شباب ذلك الزمان، فبينا أنا أمشي في المسجد وقد أسبلت إزاري، وأرخيت شعري، إذ نادى رجل من خلفي يا عبد الله، ارفع إزارك، فإنه أنقى لثوبك، وأتقى لربك، وجزّ من شعرك إن كنت امرأ مسلما، فإذا رجل كأنه أعرابي، فجئت حتى قمت من خلفه، فقلت لامرئ من المسلمين: من هذا؟ فقال: أغريب أنت؟ فقلت:

  نعم، من أهل البصرة، فقال له: هذا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، فمشيت خلفه حتى خرجت من المسجد، فمرّ بأصحاب الإبل، فقال: يا أصحاب الإبل، بيعوا ولا تحلفوا، فإن اليمين تزيّن البيع، وتمحق البركة. ثم مشى حتى


(١) نهج البلاغة ٣٠٤ رقم ١١٣.

(٢) نهج البلاغة ٣٠٦.