الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية،

حميد بن أحمد المحلي (المتوفى: 652 هـ)

ومن خطبة له # في الاستسقاء:

صفحة 120 - الجزء 1

  أتى أصحاب التمر فإذا هو بجارية تبكي، فقال: يا جارية، ما شأنك؟ قالت:

  بعثني مولاي بدرهم، فابتعت من هذا تمرا، فأتيتهم به فلم يرضوه، فلما أتيته به أبى أن يقبله، فقال: يا عبد الله، إنها خادمة، وليس لها أمر، فاردد إليها درهمها وخذ التمر. فلم يعرفه الرجل، وقام إليه ليلكزه، فقال له رجل من المسلمين:

  أتدري من هذا؟ هذا أمير المؤمنين! فانخزل⁣(⁣١) الرجل واصفرّ، وأخذ التمر، فنثره ورد إليها درهمها، ثم قال: يا أمير المؤمنين، ارض عني، فقال: ما أرضاني عنك إن أنت أصحلت أمرك⁣(⁣٢)، ثم مشى حتى توسطهم، فقال: يا أصحاب التمر أطعموا المساكين وابن السبيل، فإن ربحكم يربو. ثم مشى حتى أتى أصحاب السمك، فقال: ألا لا يباع في سوقكم طاف، ثم مشى فأتى قوما يبيعون قمصا من هذه الكرابيس، فابتاع قميصا بثلاثة دراهم فلبسه فكان ما بين الرسغين إلى الكعبين، فلما وضعه في رأسه قال: بسم الله والحمد لله الذي رزقني من اللباس ما أتجمل به في الناس وأواري عورتي، فقالوا: يا أمير المؤمنين، أشيء قلته برأيك أم سمعته من رسول الله ÷؟ فقال: لا بل سمعت رسول الله ÷ يقول هذا القول عند الكسوة، ثم مشى حتى أتى المسجد فجلس فيه، ثم أخذ بلحيته، فقال: ما يحبس أشقاها أن يخضب هذه من هذا، وأشار بيده إلى رأسه فوالله ما كذبت ولا كذبت، فقام إليه رجل، فقال: يا أمير المؤمنين أخبرني عن وضوء رسول الله ÷ فدعا بكوز من ماء فتوضأ فغسل يديه ثلاثا، ثم تمضمض واستنشق ثلاثا، ثم غسل وجهه ثلاثا، ثم غسل ذراعيه ثلاثا، ثم مسح رأسه، ثم غسل رجليه ثلاثا، ثم قال: أين السائل عن وضوء رسول الله ÷؟ فقال الرجل: أنا، فقال: هكذا رأيت رسول الله ÷ يتوضأ.


(١) الانخزال: مشية في تثاقل، القاموس ص ١٢٨٢.

(٢) في (أ): نفسك.