الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية،

حميد بن أحمد المحلي (المتوفى: 652 هـ)

ومن خطبة له # في الاستسقاء:

صفحة 122 - الجزء 1

  أوصيكم بتقوى الله، فإنه وصية الله في الأولين والآخرين، و {أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ ١٨١ وَزِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِيمِ ١٨٢ وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ ١٨٣}⁣[الشعراء] ولا تغشوا هذه الفضة الجيدة بالزئبق، ولا بالكحل فتكونوا غدا من المعذّبين⁣(⁣١).

  وروينا بالإسناد إلى أبي صادق قال: بلغ عليّ بن أبي طالب # أن خيلا لمعاوية أغارت على الأنبار وقتلوا عامله حسان بن حسان الكبرى، فقام علي # يجر ثوبه حتى أتى النخيلة، فقالوا: نحن نكفيك يا أمير المؤمنين فقال، ما تكفوني ولا تكفون أنفسكم، قال: واجتمع الناس إليه فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: إن الجهاد باب من أبواب الجنة، من تركه ألبسه الله الذلة، وسيم الخسف، وديّث بالصغار، وقد دعوتكم إلى جهاد هؤلاء القوم ليلا ونهارا، وسرا وإعلانا، وقلت لكم: اغزوهم قبل أن يغزوكم، فوالله ما غزي قوم في عقر دارهم إلا ذلّوا، فتثاقلتم وتواكلتم، وثقل عليكم ذلك، حتى شنّت عليكم الغارات، وهذا أخو غامد قد نزلت خيله الأنبار، وقتلوا حسان بن حسان، ورجالا صالحين ونساء، ولقد بلغني أنه كان يدخل على المرأة المسلمة، والأخرى المعاهدة، فينتزع رعاثها، وحجلها، ثم انصرفوا موفورين، لم يكلم أحد منهم كلما، والله لو أن امرأ مسلما مات من دون هذا أسفا لما كان عندي ملوما، بل كان عندي بذلك جديرا، يا عجبا، عجبا يميت القلب، ويكثر الهمّ، ويبعث الأحزان، من اجتماع هؤلاء القوم على باطلهم، وفشلكم عن حقكم، حتى صرتم غرضا ترمون ولا ترمون، وتغزون ولا تغزون، ويغار عليكم ولا تغيرون، ويعصى الله وترضون! يا أشباه الرجال ولا رجال، أحلام الأطفال، وعقول ربات الحجال، إذا قلت لكم:

  اغزوهم في الحر قلتم: هذه حمارّة القيظ، فمن يغزو فيها!؟ أمهلنا حتى ينسلخ


(١) الأمالي ص ٢٠٨.