الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية،

حميد بن أحمد المحلي (المتوفى: 652 هـ)

ومن خطبة له # في الاستسقاء:

صفحة 144 - الجزء 1

  ثم أخذ في جهازها ودفنها وهو يقول:

  وإنّ افتقادي فاطما بعد أحمد ... دليل على أن لا يدوم خليل

  لكل اجتماع من خليلين فرقة ... وكل الذي دون الفراق⁣(⁣١) قليل

  ولمّا أقبل من قبرها زار قبر رسول الله ÷، وقال: إن الصبر لجميل إلا عنك، وإن الجزع لقبيح إلّا عليك، وإن المصيبة بك لجليل، وأما بعدك فجلل، ثم أنشأ يقول:

  ما غاض دمعي عند نازلة ... إلا جعلتك للبكا سببا

  فإذا ذكرتك سامحتك به ... مني الجفون ففاض وانسكبا

  وروى سعيد بن المسيب قال: دخلنا مقابر المدينة مع جنازة، فمال علي # إلى قبر فاطمة & وانصرف الناس فبكى وأنشأ يقول:

  لكل اجتماع من خليلين فرقة ... وإن الذي دون الفراق قليل

  أرى علل الدنيا عليّ كثيرة ... وصاحبها حتى الممات عليل

  إذا انقطعت يوما من العيش مدتي ... فإن غناء الباكيات قليل

  وإن افتقادي فاطما بعد أحمد ... دليل على أن لا يدوم خليل

  وروي: وإنّ افتقادي واحدا بعد واحد.

  ثم نادى: يا أهل القبور، تخبرونا أخباركم، أم تريدون أن نخبركم، أم عن الجواب منعتم، يا معشر الأخوان: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته قال:

  فسمعنا صوتا يقول: وعليك السلام ورحمة الله يا أمير المؤمنين، خبّرنا بأخبارك، ما عندك؟ فقال #: أما أزواجكم فقد زوّجوا، وأما أموالكم فقد اقتسمت، وقد حشر في زمرة اليتامى أولادكم، والمنازل التي شيّدتم وبنيتم قد سكنها أعداؤكم، فهذه أخباركم عندنا، فما أخبارنا عندكم؟ قال: فأجابه مجيب وهو يقول: تخرّقت الأكفان، وتناثرت الشعور، وتمغّطت الجلود،


(١) في (أ): الممات.