[مقدمة المؤلف]
[مقدمة المؤلف]
  
  الحمد لله الذي أفاض علينا أنوار الهداية، وزحزحنا بلطفه عن مدارج الغواية، وحمانا بتأييده عن الانخداع بتمويهات أرباب الضلالة، وألهمنا النظر في البراهين التي ينجو من اعتصم بها(١) من الجهالة، ووفقنا لإدراك حقيقة الحق والاستمساك بالقول الصدق، وحدا قلوبنا إلى معرفته، وجذبها إلى العلم بحكمته، فأشرقت بأنوار المعارف الإلهية، وتلألأت بضياء العلوم الربانية(٢) فأنوارها لا تخبو لحنادس الشبهات، وجواهرها لا تلوث بورود المشكلات، يقصر عن ضيائها شعاع الشمس الظاهر، ويتضاءل عنها نور القمر الباهر، إذ ظهر لها مالا يظهر للعيون، وتجلّى لها من التوحيد سرّه المصون، فأصبحت في رياض التوحيد قاطنة، وفي حدائق العدل عادنة غير ظاعنة، متنعمة ببرد اليقين، متحققة أن بارئها بالتقديس جدير قمين(٣)، إن طاف بها من الشك والتخمين طائف أذهبته بروق يقينها المتلألئة الخواطف، قد حرسها الله بنور هدايته، وكلأها(٤) بعين حياطته عن دياجير ظلم الضلال، وغياهب سدف(٥) الإشكال، فالحمد لله على ما أكرمنا به من عرفانه، وحبانا به من إدراك التوحيد وإتقانه، حمدا يكون كفاء لهذه النعم العميمة، وقياما بشكر هذه المنن الجسيمة.
  وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا مثيل، ولا ضدّ ولا ندّ ولا عديل، شهادة صادرة عن يقين صاف عن كدر التشبيه، وإخلاص غير مشوب بشبهات أهل الزيغ والتمويه، قاضية بالزلفى يوم القيامة، مسلّمة من أهوال
(١) في (ب): إنشاء الله.
(٢) في (أ): الدينية.
(٣) القمين: الخليق الجدير. القاموس: (١٥٨١).
(٤) في (ب) وتلاها.
(٥) المراد به الظلمة. القاموس: (١٠٥٩).