الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية،

حميد بن أحمد المحلي (المتوفى: 652 هـ)

ذكر طرف من مناقبه ومقاماته #:

صفحة 154 - الجزء 1

  ابن عباس إعظاما لقوله، وكان الحسن # جالسا في ناحية فقال: إليّ يا ابن الأزرق، قال: لست إياك أسال، قال ابن عباس: يا ابن الأزرق، إنه من أهل النبوّة، وهم ورثة العلم، فأقبل نافع نحو الحسن #، فقال له الحسن: يا نافع، إنه من وضع دينه على القياس لم يزل دهره في التباس، قابلا غير المنهاج، ظاعنا في الاعوجاج، ضالا عن السبيل، قائلا غير الجميل. يا ابن الأزرق، أصف إلهي بما وصف به نفسه، وأعرّفه بما عرّف به نفسه: لا يدرك بالحواس، ولا يقاس بالناس، فهو قريب غير ملتصق، وبعيد غير متقص، يوحّد ولا يبعّض، معروف بالآيات، موصوف بالعلامات، لا إله إلا هو الكبير المتعال، قال: فبكى ابن الأزرق، وقال يا حسن: ما أحسن كلامك! أما والله يا حسن لئن كان ذلك لقد كنتم منار الإسلام، ونجوم الأحكام، حتى بدّلتم فاستبدلنا بكم، فقال الحسن:

  إني أسالك عن مسألة، قال: سل، قال: هذه الآية: {وَأَمَّا الْجِدارُ فَكانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ}⁣[الكهف: ٨٢] يا ابن الأزرق، من حفظ في الغلامين؟ قال: أبوهما، قال الحسن: فأبوهما خير أم رسول الله ÷؟ قال ابن الأزرق: قد أنبأنا الله بأنكم قوم خصمون.

  وروينا عن قتادة عن الحسن (البصري) ¥ أن رجلا قال: يا أبا سعيد، أمعاوية كان أحلم أم الحسن؟ قال: بل الحسن، قال إنما أعني معاوية بن أبي سفيان الذي كان أمير المؤمنين، قال الحسن ¥: وهل كان ذلك إلا حمارا نهّاقا.

  وروينا أن الحسن والحسين @ كانا يمشيان إلى الحج فلم يمرا براكب إلا نزل يمشي، فثقل ذلك على بعضهم فقالوا لسعد بن أبي وقاص: قد ثقل علينا المشي ولا نستحسن أن نركب وهذان الفتيان يمشيان، فقال سعد للحسن #:

  يا أبا محمد، إن المشي قد ثقل على جماعة ممن معك، والناس إذا رأوكما لم تطب أنفسهم بأن يركبوا، فلو ركبتما، فقال الحسن #: لا نركب قد جعلت على نفسي أن أمشي، ولكن أتنكب الطريق، فأخذ جانبا.