الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية،

حميد بن أحمد المحلي (المتوفى: 652 هـ)

ومن مواقعه #:

صفحة 157 - الجزء 1

  العذاب من حيث لا يشعرون، ثم قال: يا جارية، أبلغيني ثيابي، ثم قال: اللهمّ إني أدرأ بك في نحورهم، وأعوذ بك من شرورهم، وأستعين بك عليهم، فأكفنيهم بما شئت، وكيف شئت، وأنّى شئت بحولك وقوتك يا رحمان، ثم قال للرسول: هذه كلمات الفرج، فلمّا أتى معاوية رحّب به وناوله يده، فقال الحسن: إنّ الترحيب سلامة، والمصافحة أمانة، قال: أجل، فلمّا قعد قال له معاوية: ما أنا دعوتك ولكن هؤلاء أحرجوني فيك حتى أرسلت إليك فدعوتك لهم، وإنما دعوك ليقرروك أن عثمان قتل مظلوما، وأن أباك قتله، فاسمع منهم وأجبهم، ولا يمنعنك هيبتي ولا هيبتهم أن تتكلم بصليب لسانك، فقال الحسن #: سبحان الله! البيت بيتك، والإذن فيه إليك، والله لئن كنت أجبتهم إلى ما قالوا⁣(⁣١) إنّه استحياء لك من الفحش، ولئن كانوا غلبوك على ما تريد إنه استحياء لك من الضعف، فبأيّهما تقر؟ ومن أيّهما تفر⁣(⁣٢)؟ فهلّا إذ أرسلت إليّ أنبأتني فأجيء بمثلهم من بني هاشم، على أنهم مع وحدتي أوحش منهم مع جميعهم، وإن الله لوليّي فليقولوا فأسمع.

  فبدأ عمرو بن العاص فحمد الله وأثنى عليه، ثم ذكر عليا #، فلم يترك شيئا من الوقوع فيه حتى غيّره بأنّه شتم أبا بكر، واشترك في دم عمر، وقتل عثمان مظلوما، وادّعى ما ليس له بحق، ثم قال: إنكم معشر بني هاشم لم يكن الله ليعطيكم الملك على قتلكم الخليفة، واستحلالكم ما حرّم الله عليكم، وحرصكم على الملك، وإتيانكم ما لا يحلّ لكم، ثم أنت يا حسن: كيف تحدث نفسك أنك كائن خليفة؟ وليس عندك عقل ذلك ولا رأيه، فكيف تراك تأتيه، وأنت أحمق قريش! وفيك سوء عقل أبيك، وإني دعوتك لأسبّك وأباك، ثم لا تستطيع أن تغيّره، ولا أن تكذبه، فأمّا أبوك فقد كفانا الله شرّه، وأمّا أنت ففي أيدينا نتخيّر


(١) في (ج): أرادوا.

(٢) في (ج): تعتذر.