الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية،

حميد بن أحمد المحلي (المتوفى: 652 هـ)

ومن مقاماته #:

صفحة 159 - الجزء 1

  يتكلّموا بالذي تكلّموا به، ولكن اسمعوا أيها الملأ، ولا تكتموا حقا علمتموه، ولا تصدقوا باطلا إن تكلمت به: أنشدكم الله، أتعلمون أن الرجل الذي شتمتم وتناولتم منه اليوم قد صلى القبلتين كلتيهما، وأنت يا معاوية كافر بهما تراهما ضلالة وتعبد اللّات والعزّى، وبايع البيعتين بيعة الرضوان وبيعة الفتح وأنت يا معاوية بالأولى كافر وبالثانية ناكث.

  وأنشدكم الله، أتعلمون أن عليّا لقيكم يوم الأحزاب ويوم بدر مع رسول الله ÷ ومعه راية رسول الله ÷ والمؤمنين ومعك يا معاوية لواء المشركين من قريش في كل ذلك يفلج الله حجته، ويحقّ دعوته، ويصدّق أحدوثته، وينصر رايته، وفي كل ذلك رسول الله ÷ راض عنه في المواطن كلّها.

  وأنشدكم الله أتعلمون أن رسول الله ÷ حاصر قريظة والنضير، فبعث عمر براية المهاجرين، وسعد بن معاذ براية الأنصار، فأمّا سعد فجيء به جريحا، وأمّا عمر فرجع بأصحابه. فقال النبي ÷: «لأعطين الراية غدا رجلا يحبّ الله ورسوله، ويحبّه الله ورسوله يفتح الله على يديه»⁣(⁣١).

  فتعرّض لها أبو بكر وعمر، وعليّ # يومئذ أرمد، فدعاه النبي ÷ وأعطاه إياها، فلم يلبث حتى فتح الله عليه، فاستنزلهم على حكم الله ورسوله، وأنت يومئذ مشرك بمكة عدو للّه. بالله أتعلمون أن عليّا # من أصحاب محمد ÷ ممن حرّم الشهوات، من الذين أنزل الله فيهم {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ}⁣[المائدة: ٨٧] وكان في رهط هو عاشرهم، فأنبأهم الله أنهم مؤمنون، وأنت في رهط قريب من أولئك


(١) في هامش (ج): هذا كما ترى، والمشهور في السير أن سعد بن معاذ أصيب في أكحله يوم الخندق، ومحاصرة النبي ÷ لبني قريظة وهو مريض ومات فيه (مات بعد انقضاء شأنهم وحكمه فيهم. ابن هشام ج ٣ ص ٢٦٢). القصة المشهورة في إعطاء الراية عليا # وهو أرمد في فتح خيبر، وقال النبي ÷ قبيل إعطاء الراية ما قاله من قوله ÷: «لأعطين الراية.. .» إلخ، وكان الفتح على يديه فتحقق.