الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية،

حميد بن أحمد المحلي (المتوفى: 652 هـ)

ذكر بيعته #

صفحة 169 - الجزء 1

   من عبد الله الحسن أمير المؤمنين إلى معاوية بن أبي سفيان سلام عليك، فإني أحمد الله الذي لا إله إلا هو ... أما بعد:

  فإن الله تعالى بعث محمدا ÷ رحمة للعالمين، ومنة على، وكافة إلى الناس أجمعين {لِيُنْذِرَ مَنْ كانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكافِرِينَ}⁣[يس: ٧٠] فبلغ رسالات الله، وأقام على أمر الله، حتى توفاه الله وهو غير مقصر ولا وان، حتى أظهر به الحق، ومحق به الشرك، ونصر به المؤمنين، وأعزّ به العرب، وشرف به قريشا خاصة، فقال: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ}⁣[الشورى: ٤٤] فلما توفي ÷ تنازعت سلطانه العرب، فقالت قريش: نحن قبيلته، وأسرته وأولياؤه، ولا يجمل لكم أن تنازعونا سلطان محمد ÷ في الناس وحقه، فرأت العرب أن القول كما قالت قريش، وأن الحجة في ذلك على من نازعها أمر محمد ÷، فأنعمت لهم العرب، وسلمت ذلك.

  ثم حاججنا نحن قريشا بمثل ما به حاجّت العرب فلم تنصفنا قريش إنصاف العرب لها، لأنهم أخذوا هذا الأمر دون العرب بالإنصاف والاحتجاج، فلما صرنا أهل بيت محمد وأولياءه إلى محاجتهم، وطلب النصف منهم، باعدونا واستولوا بالإجماع على ظلمنا ومراغمتنا، والعيب منهم لنا، فالموعد الله وهو الولي والنصير، وقد عجبنا لتوثّب المتوثبين في حقنا، وسلطان نبيئنا محمد ÷، وإن كانوا ذوي فضيلة وسابقة في الإسلام، فأمسكنا عن منازعتهم مخافة على الدين أن يجد المنافقون والأحزاب بذلك مغمزا يثلمونه به، أو يكون لهم بذلك سبب لما أرادوا من إفساده، فليتعجب المتعجب من توثّبك يا معاوية على أمر لست من أهله، لا بفضل في الدين معروف، ولا أثر في الإسلام محمود، فأنت ابن حرب من الأحزاب، وابن أعدى قريش لرسول اللّه ÷ ولكتابه، والله حسيبك، وسترد فتعلم لمن عقبى الدار، وبالله لتلقينّ عن قليل ربك، ثم