الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية،

حميد بن أحمد المحلي (المتوفى: 652 هـ)

ذكر بيعته #

صفحة 170 - الجزء 1

  ليجزينّك بما قدّمت يداك، وما الله بظلام للعبيد.

  إنّ عليّا # لما مضى لسبيله رحمة الله عليه يوم قبض، ويوم منّ الله عليه بالإسلام، ويوم يبعث حيّا - ولاني المسلمون الأمر بعده، فأسأل الله أن لا يزيدنا في الدنيا الفانية⁣(⁣١) شيئا ينقصنا في الآخرة مما عنده من كرامته، وإنما حملني على الكتاب إليك الإعذار فيما بيني وبين الله في أمرك، ولك في ذلك إن فعلت الحظ الجسيم، وللمسلمين فيه صلاح، فدع التمادي في الباطل، وادخل فيما دخل فيه الناس من بيعتي فإنك تعلم أني أحق بهذا الأمر منك عند الله، وعند كل أواب حفيظ، ومن له قلب منيب، واتق الله ودع البغي، واحقن دماء المسلمين، فوالله ما لك من خير في أن تلقى الله من دمائهم بأكثر مما أنت لاقيه به، وادخل في السلم والطاعة، ولا تنازع الأمر أهله، ومن هو أحق به منك، ليطفئ الله الثائرة بذلك، ويجمع الكلمة، ويصلح ذات البين، فإن أنت أبيت إلا التمادي في غيّك نهدت إليك بالمسلمين فحاكمت حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين ... فكتب إليه معاوية لعنه الله تعالى من عبد الله معاوية أمير المؤمنين إلى الحسن بن علي سلام عليك، فإني أحمد الله إليك الذي لا إله إلا هو ... أما بعد:

  فقد بلغني كتابك، وفهمت ما ذكرت به رسول الله ÷ من الفضل، وهو أحق الأولين والآخرين بالفضل كله قديمه وحديثه صغيره وكبيره، فلقد والله بلّغ وأدّى، ونصح وهدى، حتى أنقذ الله به من الهلكة، وأنار به من العمى، وهدى به من الضلالة، فجزاه الله أفضل ما جزى نبيا عن أمته، وصلوات الله عليه يوم ولد، ويوم بعث، ويوم قبض، ويوم يبعثه الله حيا.

  وذكرت وفاة النبي ÷ وتنازع المسلمين من بعده، فرأيتك صرحت بتهمة أبي بكر الصديق، وعمر الفاروق، وأبي عبيدة الأمين، وحواري الرسول


(١) في النسخة (ب): الزائلة.