[مقدمة المؤلف]
  طالب، وعلى عترته الزكية، وسلالته النبوية، أطواد الفخر وأعلامه، رعاة الإسلام وقوّامه، سفينة النجاة، ذرية النبي الأوّاه، ورثة علم الله، حفظة وحي الله، صلاة تقضي لهم بالزلف العظام، والتحف الجسام، أما بعد:
  فإن أولى من أسعف مراده من صفى في الدين اعتقاده، وخلص لأرباب الحق وداده، وقد بلغنا كتاب القاضي الأجل الأوحد الأعز الأسعد أدام الله إسعاده، وأحسن إرشاده، رافلا في حلل الأدب، كاشفا عن شريف أخلاقه والمذهب، ينم بفضل منشيه، ويشهد بكرم مبديه، منطويا على السؤال عن نكت شافية، وغرر كافية، من أخبار السابقين من ذرية النبي الأمين، والأنزع البطين سلام الله عليهم أجمعين، فرأينا الإجابة من فروض الدين، ولوازم المتقين، إذ كان الكلام في أحوالهم وحكاية أفعالهم من جملة القرب العظام إلى ذي الجلال والإكرام، ولقد طلب أدام الله إسعاده، وأنجح مقصده ومراده، وأحسن سداده، وأصلح معاده، أمرا عرض عنه الخلق بجمهورهم، ونبذوه وراء ظهورهم، غير أن لله عبادا يخصهم بالتوفيق، ويلهمهم فوائد التحقيق، تناولهم دعاء الخليل إلى الملك الجليل، حيث يقول: {رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ}[إبراهيم: ٣٧].
  فالحمد لله الذي أكرمنا وإياهم بالدخول في ضمن هذا الدعاء الشريف، الذي نرجو به إن شاء الله تعالى الفوز في المعاد، والأمن يوم التناد، إذا دعي كل إنسان بإمامه، وحسر الحق عن لثامه، وباء المبطلون بعبء الباطل وآثامه، فحينئذ ظهرت حسرتهم، وعظمت مصيبتهم، حيث تركوا اتّباع الهداة السادة، الذين اختصوا بشرف الولادة، وحكم لهم على الأمة بالسيادة، وهنالك يجذل المؤمنون، ويحبر المتقون، الذين قفوا مناهج الذرية النبوية،